أيضاً؛ لأنه غير متفاوت في نفسه؛ لأنه من ذوات الأمثال.
ألا ترى لو باع قفيزاً من الصبرة في الابتداء بثمن معلوم جاز ذلك كان القياس أن يجوز البيع في الثاني والثالث من القفزان مما لا يتفاوت في نفسها لكن تركنا القياس فيما زاد على الواحدة؛ لأنا لو عملنا بالقياس، وجوزناً البيع في الثاني والثالث لزمنا تجويزه في الكل إذ ليس الثاني والثالث بأولى من الرابع والخامس؛ لأن الثاني والثالث تبع للكل كالرابع والخامس، فيؤدي إلى تجويز البيع في الكل مع أن ثمن الكل مجهول.
أما تجويز البيع في الواحد لا يؤدي إلى تجويز البيع في الثاني والثالث؛ لأن الأول يتصور بدون الثاني والثالث فتجويز البيع في الواحد لا يؤدي تجويز البيع في الكل فلهذا افترقا، وليس كما لو كان الثمن دراهم مشار إليها؛ لأن المشار إليه معلوم من كل وجه بالإشارة كما في جانب البيع.
ألا ترى أنه يمكن للمشتري أخذ المشار إليه من غير رجوع إلى شيء، ولا يمكن للبائع أخذ جميع الثمن ههنا إلا بعد الرجوع إلى عد الأغنام، وكذا إذا أشار الحجر لأن الحجر معيار للدراهم؛ لأنها يوزن به فصارت الإشارة إلى معيارها كالإشارة إليها، وهاهنا لم وجد الإشارة الى جملة الثمن، ولا الى معيار؛ لأن القطيع ليس معياراً للثمن؛ لأنه لا يوزن به، ولم يوجد تسمية جملة الثمن، فبقي جملة الثمن مجهولة إلا أن هذه جهالة يتوهم زوالها بعد الأغنام، فقلنا بفساد العقد للحال و.... علم عدد الأغنام في المجلس فأثبتنا الخيار للمشتري؛ لأن الثمن كان مجهول القدر عنده، وإنما صار معلوماً بعد الأغنام، فيخير كما لوكان المبيع مجهول الوصف، وزالت الجهالة بالرؤية، ويسمى هذا خيار بكشف الحال لو رضي به المشتري، فليس للبائع أن يأبى، ثم شرط في «الكتاب» بجواز هذا العقد إن علم عدد الأغنام في المجلس؛ لأن ساعات المجلس لها حكم ساعة واحدة في حق العقد، فصار كأنها إنشاء العقد في الحال، فكان طريق تجويز العقد طريق رافع للفساد، فأما ساعات بعد الافتراق عن المجلس مع ساعات المجلس ليس لها حكم ساعة واحدة ليجعل كأنها إنشاء العقد، فكان طريق تجويز العقد طريق رفع الفساد، ورفع الفساد إنما يجوز في موضع كان الفساد بسبب شرط في العقد كأجل مجهول، أو خيار يزيد على الثلاث لا في موضع الفساد في صلب العقد، والفساد ههنا في صلب العقد.
وبعض مشايخنا قالوا: إن عند أبي حنيفة إذا علم عدد الأغنام في المجلس، أو بعد الافتراق عن المجلس ينقلب العقد جائزاً على كل حال، وهذا القائل يقول: ذكر المجلس في الباب وقع اتفاقاً.
وقال شمس الأئمة الحلواني: الأصح عندي أن على قول أبي حنيفة، وإن علم عدد الأغنام في المجلس ينقلب العقد جائزاً، ولكن إن كان البائع دائماً على رضاه ورضي به