للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل أسلم إلى رجل في قفيز من حنطة، فأعطاه مكانه قفيز حنطة مقلية لم يجز في قولهم جميعاً؛ لأنه لا مماثلة بين المقلية وغير المقلية شرعاً، ولهذا لا يجوز بيع المقلية بغير المقلية قفيزاً بقفيز عندهم جميعاً، فكان هذا استبدالاً عند الكل لا استيفاء فلهذا لا يجوز. وكذلك لو أسلم في قفيز بسر أخضر أو أصفر في جنسه وأعطاه مكانه قفيز بسر مطبوخ، أو أسلم في قفيز حنطة، فأعطاه مكانه قفير حنطة مطبوخة، لو أسلم في قفيز حنطة، فأعطاه مكانه قفيز دقيق لا يجوز؛ لأنه لا مماثلة بين البسر المطبوخ وبين الأخضر، ولهذا لا يجوز مع أحدهما بالآخر قفيزاً بقفيز ابتداء، وكذا المطبوخ على هذا، وكذا لا يجوز بيع قفيز حنطة من المطبوخة بقفيز من غير المطبوخة، ولا يجوز بيع قفيز حنطة بقفيز دقيق، فعلم أنه لا مماثلة، فكان هذا استبدالاً لا استيفاءاً.h

ولو أسلم في قفيز حنطة فأعطاه قفيزاً من حنطة قد أنقع (١٣٠أ٣) من الماء حتى انتفخ، فهذا جائز عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد لا يجوز؛ لأنهما مثلان عندهما خلافاً لمحمد رحمه الله، ولهذا جاز بيع الحنطة المبلولة بغير المبلولة عندهما قفيزاً بقفيز خلافاً لمحمد، وكان قول محمد في هذا على قياس قوله في الرطب.

ولو أسلم في زيتون فأخذ مكانه زيتاً لا يجوز وإن علم أنه أقل مما في الزيتون؛ لأنهما صنفان فيكون استبدالاً والله أعلم بالصواب.

نوع آخر في الاختلاف الواقع بين رب السلم وبين المسلم إليه وإنه على وجوه

الأول: أن يقع الاختلاف بينهما في المسلم فيه أو في رأس المال أو فيهما ويجب أن يعلم بأن ههنا مسألتان: الأولى ما إذا كان رأس المال ديناً كالدارهم والدنانير وإنها على وجوه ثلاثة: الأول: أن يقع الاختلاف في المسلم فيه وإنه على وجوه ثلاثة، إن وقع الاختلاف في جنسه بأن قال رب السلم: أسلمت عشرة دراهم في كر حنطة وقال المسلم إليه: أسلمت عشرة دراهم في كر شعير تحالفا استحساناً إن لم يكن لهما بينة، ويبدأ بيمين المسلم إليه في قول أبي يوسف الأول، وفي قوله الآخر يبدأ بيمين رب السلم، وإذا تحالفا فالقاضي يقول لهما: ماذا تريدان؟ لأن العقد لا ينفسخ بمجرد التحالف كما في بيع العين، فإن قالا: نفسخ العقد أو قال أحدهما ذلك فسخ القاضي بينهما، وإن قالا: لا نفسخ، تركهما رجاء أن يعود أحدهما إلى تصديق صاحبه، وأيهما أقام بينة قبلت بينته، وفي قبول بينة المسلم إليه إشكال إذ لا وجه إلى قبولها لإثبات العشرة لنفسه؛ لأن رب السلم قد أقر له بعشرة، ولا وجه إلى قبولها لإثبات الشعير؛ لأنه يثبت الشعير للغير، والبينة لا تقبل على إثبات حق الغير، ولكن الوجه في ذلك أن بينة المسلم إليه إنما تقبل لإسقاط اليمين عن نفسه، وكما تقبل بينة الإنسان لإثبات الحق لنفسه تقبل لإسقاط اليمين عن نفسه.

ألا ترى أن بينة المودع على الرد مقبولة لإسقاط اليمين عن نفسه؛ لأن البراءة حاصلة له بقوله رددت. وإن أقام البينة إن لم يتفرقا عن مجلس العقد بعد، فعند محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>