للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرط في السلم مالا يقتضيه ولأحد المتعاقدين فيه منفعة، فيوجب الفساد، هذا كما قال أبو حنيفة وأبو يوسف فيمن اشترى وقر حطب وشرط الحمل إلى منزله لم يجز البيع قياساً واستحساناً؛ لأن البيع لا يقتضي الحمل، ولو شرط الإيفاء في منزله يجزئه استحساناً؛ لأن البيع يقتضي الإيفاء كذا ههنا.

ولو شرط أن يوفيه إياه في منزله بعد ما يوفيه في محلة كذا بأن قال: على أن يوفيني في درب سمرقند، ثم يوفيني بعد ذلك في منزلي بكلاباد، عامة المشايخ على أنه لا يجوز قياساً واستحساناً؛ لأن اشتراط الإيفاء في منزله بعد الإيفاء في مكان لا يتصور إلا بالحمل، ولو شرط الحمل بعد الإيفاء في مكان لا يتصور إلا بالحمل. ولو شرط الحمل بعد الإيفاء أليس أنه لا يجوز استحساناً وقياساً، وكان الفقيه أبو بكر محمد بن سلام رحمه الله يقول: يجوز استحساناً؛ لأن بشرط الإيفاء ثانياً يفسخ شرط الإيفاء الأول؛ لأن الموفي لا يتصور إيفاؤه ثانياً، وإذا انفسخ الشرط الأول صار كأنه شرط الإيفاء إلى منزله لا غير هناك يجوز السلم استحساناً كذا ههنا.

وفي «المنتقى» بشر عن أبي يوسف: إذا شرط في السلم حمله إلى موضع كذا، فهو جائز وهو قول أبي حنيفة من أن الطعام في ملك المسلم إليه وضمانه حتى يسلمه بخلاف ما لو شرط؛ لأن اشتراط الحمل لا يتضمن فسخ شرط الإيفاء؛ لأن الموفي يتصور حمله، وإذا لم ينفسخ الشرط الأول بقي شرط الحمل شرط إجارة أو إعارة فيوجب فساد السلم.

ولو شرط أن يوفيه إياه في منزلة ابتداءاً، بعض مشايخنا رحمهم الله قالوا: المسألة على القياس والاستحسان، القياس: أن لا يجوز، وفي الاستحسان: يجوز، قال الحاكم الشهيد رحمه الله: هذا القياس والاستحسان فيما إذا لم يبين منزله ولم يعلم المسلم إليه أنه في أي محلة، أما إذا بين أو علم المسلم إليه ذلك يجوز قياساً واستحساناً.

نوع آخر

من هذا الفصل في الإقالة والصلح: يجب أن يعلم بأن الإقالة في السلم جائزة؛ لأن السلم نوع بيع فيجوز إقالته كما يجوز إقالة سائر أنواع البيوع، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمقال: «لا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك» والمراد أخذ السلم حال قيامه ورأس المال بعد انفساخه، فدل الحديث أن السلم قابل للفسخ والإقالة. ولو أقاله في البعض وأخذ البعض جاز؛ لأنه لو أقاله في الكل يجوز، فيجوز في البعض أيضاً اعتباراً للبعض بالكل.

ولو أبرأ رب السلم المسلم إليه من المسلم فيه، فيجوز بخلاف ما لو أبرأ إليه رب السلم عن رأس المال حيث لا يجوز، والفرق: أن قبض المسلم فيه ليس بمستحق حقاً للشرع بل هو حق العبد، فيصح الإبراء عنه، أما قبض رأس المال مستحق للشرع ليخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>