للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشير إليها عندنا، فكذا الإقالة لا تتعلق بأعيانهما لو كانا قائمين صار هلاكهما كقيامهما بخلاف بيع العرض بالعرض؛ لأنهما متى كانا قائمين يتعلق الإقالة بأعيانهما، فمتى كانا هالكين لم يبق شيء من المعقود عليه لما هلك اليد؛ لأن كل واحد من البدلين وجب في الذمة، وقد سقط ذلك بالقضاء، فالإقالة لم تضف معقوداً عليه، فيجب أن لا تصح الإقالة، والجواب عنه أن الدين مما لا يسقط بالقضاء، ألا ترى أن البائع إذا حط عن المشتري بعض الثمن بعد ما قبض الثمن صح مع الحط لإسقاط بعض الثمن، ولو كان الثمن يسقط بالثمن بالقضاء كان لا يصح الحط كما لو حصل الحط بعد الإبراء، وإذا كان كذلك فالدين الواجب في الذمة مما لا يسقط بالقضاء إلا أن الطالب لا يطالب الغريم بعد القضاء؛ لأن المطالبة لا تفيد، فإنه لو طالبه طالبه بما بقي في ذمته طالبه الغريم بما أوجب له في ذمة الطالب؛ لأن الديون تقضى بأمثالها لا بأعاينها، وإذا كان كذلك فما هو المعقود عليه وهو الدين قائم في ذمة كل واحد منهما، فصحت الإقالة باعتبار ما بقي في ذمتهما كما صح العقد باعتبار ما يجب في ذمتهما.

المسألة الرابعة: إذا كان رأس المال عرضاً وهلك العرض، ثم تقايلا السلم صحت الإقالة لقيام المسلم فيه وكان قيام المسلم مضافاً إلى قيام المسلم فيه ديناً، وإن كان المسلم فيه رأس المال إذا كان عرضاً كان عيناً حقيقة وحكماً، وفرق بين فصل السلم وبين بيع العرض بالدراهم، والفرق: أن في بيع العرض بالدراهم المبيع مال حقيقة وحكماً؛ لأنه عين حقيقة وحكماً والثمن دين حقيقة وحكماً أو حكماً لا حقيقة، فكان للمبيع ضرب مزية على (الثمن) والتقريب ما مر، فأما المسلم فيه إن كان ديناً حقيقة فهو عين حكماً؛ لأنه مبيع، ولهذا لم يجز الاستبدال به قبل القبض والمبيع ما يكون عيناً، فكان له حكم العين ورأس المال إن كان عيناً فهو دين حكماً حتى لو افترقا قبل قبض رأس المال بطل السلم، وإن كان رأس (المال) عيناً وجعل كأن الافتراق حصل عن دين بدين فاستويا، فصار قيام العقد مضافاً إليهما كما في بيع العرض بالعرض لا إلى أحدهما بعينه.

وإذا قبض رب السلم رأس المال وتقايلا السلم، ثم اختلفا في مقدار رأس المال، فقال المسلم إليه: كان رأس المال خمسة، وقال رب السلم: لا بل كان رأس المال عشرة، فالقول قول المسلم إليه مع يمينه، ولا يتحالفان فرق بين هذا وبين بيع العين، فإن في بيع العين إذا تقايلا العقد حال قيام العين واختلفا في مقدار الثمن، فإنهما يتحالفان ويفسخ الإقالة فيما بينهما بعد التحالف، والفرق: أن المقصود من التحالف شرعاً الفسخ متى يعود كل واحد منهما إلى رأس ماله، والإقالة في باب السلم لا تقبل الفسخ لا حكماً ولا قصداً، فإنهما لو قالا: نقضنا الإقالة، تنتقض ويعود الأمر إلى ما كان قبل الإقالة، وكذلك إذا هلك العين في يد المشتري قبل التسليم إلى البائع والثمن والدراهم، فإن الإقالة تنتقض ويعود الأمر إلى ما كان قبل الإقالة، فالتحالف يقيد يمر به في الإقالة في بيع العين، فجاز الاشتغال به قياس الإقالة في السلم من الإقالة في بيع العين أن لو تقايلا

<<  <  ج: ص:  >  >>