الصحيح موضوع ما ذكر في «الجامع الصغير» أما على ما هو موضوع كتاب الإجارات ينبغي أن تفسد الإجارة في اليوم والغد جميعاً بلا خلاف.
ووجه ذلك، لأن هذا عقد واحد شرط فيه شرط فاسد ومثل هذا الشرط لا يوجب فساد الإجارة.
بيانه: أن قوله وإن لم تفرغ منه اليوم ليس بإجارة على حدة لأنه مما لا تبتدأ به الإجارة فتكون شرطاً مشروطاً في الإجارة المضافة إلى اليوم، وإنه شرط فاسد؛ لأنه يوجب تغير الأجر الواجب في اليوم إلى النقصان؛ لأنه متى خاط نصف الثوب في اليوم مثلاً يجب نصف الأجر قضية للعقد المضاف إلى اليوم، وإذا لم يخط الباقي اليوم يصير أجر ذلك النصف ربعاً بعد أن كان نصفاً.
فهو معنى قولنا هذا عقد واحد فيه شرط فاسد بخلاف قوله: إن خطته اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم؛ لأنهما إجارتان؛ لأن قوله وإن خطته غدا مما تبتدأ به الإجارة لم يشترط في أحدهما شرط فاسد فعلم أن الصحيح موضوع ما ذكر في «الجامع الصغير» فرق أبو حنيفة بين هذه المسألة.
وبينما إذا قال له: إن خطته تركية أو رومية فلك درهم وإن خطته فارسية فلك نصف درهم، فإن هناك يجوز الشرطان بلا خلاف.
والفرق: أن في مسألة اليوم والغد علقا استحقاق نصف درهم بفوات العمل في اليوم وموجود العمل في الغد؛ لأن كلمة إن للشرط وتعليق الأجرة بالعمل في الغد إن كان يصح؛ لأنه تعليق البدل بإيفاء المعقود عليه فتعليقها بفوات العمل لا يصح كتعليقها بشرط آخر، فأما في اليوم استحقاق الأجرة معلق بإيفاء المعقود عليه، وهذا لا يوجب فساد العقد وفي التركية والفارسية ما علق الأجر بفوات شيءولا بوجوده فإنه يقدر أن يشتغل للحال بأي عمل شاء فيصير الأجر معلوماً.
أما في المسألة اليوم والغد لا يقدر أن يشتغل بالعمل في الغد، إلا بفوت اليوم وفوات العمل في اليوم فيتعلق استحقاق نصف درهم بالشرط فيفسد العقد، فيجب أجر المثل في اليوم الثاني فإن خاطه في الغد فله أجر مثله لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم فهذا يشير إلى أنه يجوز أن يراد على نصف درهم، وهو رواية الأصل «والجامع الصغير» .
وروى ابن سماعه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أن له أجر مثله لا يزاد على نصف درهم، فصار عن أبي حنيفة في المسألة روايتان وصحح القدوري رواية ابن سماعه، ولو خاطه في اليوم الثالث فله أجر مثله في قولهم، واختلفت الروايات عن أبي حنيفة رحمه الله في ذلك روي عنه أنه لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم وروي عنه رواية أخرى أنه لا يجاوز به نصف درهم وينقص عن نصف درهم إن كان أجر مثله أقل من نصف درهم.
واختلفت الروايات في ذلك عنهما أيضاً قال القدوري: في «شرحه» والصحيح عندهما أنه ينقص عن نصف درهم ولا يزاد عليه، ولو قال إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلا أجر لك.