كان القاضي أبو علي النسفي رحمه الله يحكي عن أستاذه أنه يجوز.
وهكذا ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله في «المنتقى» : عن محمد، قال شمس الأئمة الحلواني: ذكر ابن سماعة في «نوادره» عن محمد أن الإجارة من المالك لا تجوز سواء كان المستأجر الأول آجر بنفسه أو آجر مستأجره.
قال رحمه الله: وعليه عامة المشايخ. الغاصب إذا أجر المغصوب من غيره ثم إن المستأجر من الغاصب آجره من الغاصب وأخذ منه الأجر كان للغاصب أن يسترد منه ما دفع إليه من الأجر لوجهين:
أحدهما: أن إجارة المستأجر من الغاصب رد للمغصوب، كما جعل بيع المشتري شراءً فاسداً من بائعه رداً للمشتري الثاني أن إجازة الغاصب العقد فيصير المستأجر من الغاصب أجر من أجره، وأنه لا يجوز للفقه الذي روينا وعلى هذا المستأجر من المالك إذا آجر من غيره ثم إن المستأجر الثاني آجره من المستأجر الأول لا يصح وطريقه ما قلنا: إذا استأجر كرماً ثم إن المستأجر دفع الكرم إلى المؤاجر معاملة فهذا على وجهين: إن كان المالك في الإجارة باع الأشجار كما هو أحد الطريقين جاز وإن كان دفع الأشجار معاملة كما هو الطريق الآخر لا يجوز وإذا استأجر إجارة فاسدة فآجر المستأجر من غيره إجارة صحيحة جاز إليه أشار في إجارات الفقيه أبي الليث رحمه الله.
ومن المشايخ من قال: لا يجوز واستخرج الرواية من مسألة ذكرنا في كتاب الإجارات في باب إجارة الدور رجل دفع داره إلى رجل على أن يسكنها ويردها ولا أجر لها فأجرها هذا المستأجر من رجل وانهدم من سكنى الثاني ضمن الثاني بالاتفاق؛ لأنه صار غاصباً فهذا إشارة إلى أن الإجارة الثانية لم تصح.
ألا ترى أنه أوجب الضمان على الثاني، وألا ترى أنه سماه غاصباً، وعامة المشايخ على أنه يملك قالوا: وما ذكر في كتاب الإجارات ليس برواية في هذه المسألة؛ لأن ذلك ليس بإجارة بل هو عارية؛ وهذا لأنه لم يذكر الحرمة على سبيل الشرط؛ لأنه لم يذكر كلمة الشرط إنما ذلك على سبيل المشورة إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل فكان الأول مستعيراً لا مستأجراً والمستعير يملك أن يؤاجر.
وزان مسألتنا في تلك المستأجر، أن لو ذكر الحرمة على سبيل الشرط ولو كان هكذا حتى كان العقد الأول إجارة فاسدة لا يجب الضمان على الثاني، وتصح الإجارة من الثاني؛ وهذا لأن المستأجر إجارة فاسدة ملك المنفعة بقبض المستأجر فيملك تمليكها من غيره ملكاً صحيحاً كالمشتري شراءً فاسداً ملك التمليك من غيره صحيحاً، ثم على قول من يقول بأن المستأجر إجارة فاسدة يملك أن يؤاجر من غيره إجارة صحيحة إذا أجر كان الأول أن ينقض الثاني.
كما إذا اشترى شيئاً شراءً فاسداً وأجره من غيره إجارة جائزة بخلاف ما إذا اشترى شراء فاسداً وباعه من غيره بيعاً صحيحاً.