للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مرضه لا يمنع أجراه عن العمل في الأرض.

وإذا أبق العبد المستأجر فللمستأجر أن يفسخ الإجارة فهو عذر؛ لأن المعقود عليه فات قبل التسليم فهو بمنزلة الأرض إذا غرقت أو نزّت، وإذا وجد العبد المستأجر للخدمة سارقاً فهذا عذر؛ لأن هذا بمنزلة العيب في المعقود عليه؛ لأنّ السرقة توجب نقصاناً في الخدمة؛ لأنه متى كان سارقاً لا يأتمنه المستأجر على ماله إذا خلى بينه وبين أعمال الخدمة في الدار خوفاً من سرقته على ماله، ويتعسر عليه ملازمته كل ساعة وأوان.

فهو معنى قولنا هذا عيب في المعقود عليه، فيثبت للعاقد الخيار، كما إذا وجد العبد المشتري سارقاً، وإن كان العبد غير حاذق للعمل الذي استأجره عليه، فهذا لا يكون عذراً للمستأجر في فسخ الإجارة؛ لأنه لا عيب في المعقود عليه ولا نقصان إنما فات صفة الحذاقة وإنها بمنزلة الجودة فلا تصير مُستحقة بمطلق العقد بل يراعي في استحقاقها الشرط.

ألا ترى أن من اشترى حنطة ولم يشترط جودتها فوجدها وسطاً، لا يكون له حق الفسخ كذا هاهنا، وإن كان عمله فاسداً كان له الخيار، لأن هذا عيب في المعقود عليه فهو بمنزلة ما لو وجد الحنطة عفنة وإذا وقعت الإجارة على دواب بعينها لحمل المتاع، فماتت انفسخت الإجارة بخلاف ما إذا وقعت على دواب لا بعينها. (٣٤ب٤) وسلم الآجر إليه دواباً فماتت لا ينفسخ العقد، وعلى الآجر أن يأتي بغير ذلك.

والفرق: أن عند تعيين الدواب المعقود عليه منافع الدواب المعيّنة، فإذا هلكت فقد هلك المعقود عليه فيبطل أما عند انعدام التعيين المعقود فعمل الحمل في ذمّة الآجر والإبل آلة الحمل، وكما أن التي عينها الآجر بعد العقد آلة الحمل فغيرها آلة الحمل فلا معنى لانفساخ العقد، فإن وقعت الإجارة على دواب بعينها ومرضت فللمستأجر حق الفسخ؛ لأن منفعة الحمل تنتقض بالمرض فكان ذلك عيباً في المعقود عليه وعن أبي يوسف أن للمؤاجر حق الفسخ أيضاً؛ لأن الركوب والحمل مع المرض يوجب زيادة ضرر في ملكه وذلك غير مستحق بالعقد، وإن مرض الآجر في هذه الصورة.

ذكر القدوريّ في «شرحه» : أن له حق الفسخ، وهذا خلاف رواية «الأصل» فعلى ما ذكره القدوري يحتاج إلى الفرق، بينما إذا مرض المؤاجر، وبينما إذا أراد أن يقعد ولا يخرج فإن ذلك لا يكون عذراً له في فسخ الإجارة.

والفرق: أنه إذا مرض فقد عجز عن الخروج، وغيره لا يقوم مقامه في الخروج إلا بموته وضرر يلحقه فيكون ذلك عذراً له، أما إذا أراد أن يقعد ولا يخرج فما عجز عن الخروج بل هو قادر عليه، وإنما تركه باختياره فكان عليه أن يقيم غيره مقامه.

وعن أبي يوسف: في امرأة ولدت يوم النحر قبل أن تطوف طواف الزيارة، وأبى الحمال أن يقيم معها مدة النّفاس فهذا عذر للحمال في فسخ الإجارة، ولو ولدت قبل يوم النحر فجاء يوم النحر وقد بقي من مدة نفاسها مدة الحيض عشرة أو أقل خيرّ الحمال على المقام معها، وهذا؛ لأنه لا يمكن جبر الحمال على المقام في الفصل الأول؛ لأنه ما

<<  <  ج: ص:  >  >>