للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة عقدت على أن ينتفع بها في طريق الكوفة فإذا انتفع بها في طريق البصرة صار غاضباً.

وأما نصيب الكوفة؛ فلأنه صار غاضباً نصيب الكوفي لأنه ذهب بنصيبه بغير أمره فصار غاصباً نصيب الكوفي ولا أجر عليهما على الكوفي، لأنه غصب منه نصيبه وعلى البصري فلأنه أمسكها في موضع لم يأذن له صاحب الفسطاط بالإمساك فيه في طريق البصرة، فيصير ضامناً كما لو أمسكها بالكوفة هذا إذا ذهب به البصري إلى البصرة بغير أمر الكوفي فأما إذا ذهب به بأمر الكوفي، فالبصري يصير ضامناً لجميع الفسطاط، والكوفي يضمن نصيبه وهو النصف ولا أجر عليهما.

أما البصري يضمن جميع الفسطاط نصيبه؛ لأنه أمسكها في موضع لم يأذن له المالك بالإمساك فيه ونصيب الكوفي؛ لأنه مودع الكوفي إن لم يأذن له بالانتفاع بنصيبه والكوفي غاصب ومودع الغاصب ومستعيره ضامن، وإنما قلنا ذلك؛ لأن الكوفي لما دفع نصيبه إلى البصري حتى يمسكها في طريق البصرة صار غاصباً، بهذا التسليم؛ لأنه ليس له أن يسلم نصيبه إلى أحد حتى يمسكه في طريق البصرة أو ينتفع به، وإذا صار الكوفي غاصباً بهذا التسليم صار البصري مودع الغاصب أو مستعيره، وإنه ضامن في حق المالك، فصار البصري ضامناً جميع الفسطاط من هذا الوجه، ويضمن الكوفي النصف؛ لأنه لم يوجد منه سبب ضمان في نصيب البصري، إنما وجد منه سبب الضمان في نصيبه ولا أجر عليهما في الرجعة؛ لأنهما أمسكا الفسطاط في موضع لم يأذن لهما المالك بالإمساك فيه فلا يكون عليهما أجر هذا الذي ذكرنا إذا ذهب البصري بالفسطاط إلى البصرة، فأما إذا ذهب الكوفي إلى الكوفة بغير أمر البصري يضمن نصف الفسطاط وهو نصيب البصري فلا يضمن نصيبه وعليه نصف الكراء في الرجعة، ولا يجب على البصري شيء في الرجعة أما يضمن نصيب البصري، لأنه غصب من البصري نصيبه فيصير ضامناً نصيب البصري ولا يضمن نصيب نفسه؛ لأنه لم يمسكها في موضع لم يؤذن له بالإمساك فيه وعليه نصف الكراء؛ لأنه انتفع بنصيبه في طريق الكوفة ولا أجر على البصري في نصيبه في الرجعة؛ لأنه غصب من المستأجر هذا إذا ذهب الكوفي به إلى الكوفة بغير أمر البصري، فأما إذا ذهب به إلى الكوفة بأمر البصري فلا ضمان على البصري في نصيبه على قول محمد رحمه الله سواء أعار منه نصيبه أو أودعه بأن قال: انتفع به يوماً في نوبتك واحفظها يوماً في نوبتي، لأن من مذهب محمد رحمه الله أن لمستأجر الفسطاط أن يعيره من غيره، وأن يودع في المكان الذي أضيف إليه العقد ولا يصير ضامناً بذلك؛ لأنه يجب عليه الأجر بذلك.

وأما في قول أبي يوسف رحمه الله: فكذلك الجواب إن أودعها من الكوفي، لأن الفسطاط كان أمانة عندهما وكانا بمنزلة المودعين.

ومن مذهب أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: أن من أودع عند رجلين وديعة لما يقسم أو لا يقسم فأودع أحدهما نصيبه من صاحبه أنه لا يضمن عندهما، فهذا على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>