وفي فتاوى «الأصل» مستأجر الحمار إذا أوقف الحمار وصلى الفجر فذهب الحمار وانتهت، فإن رأه ينتهب أو يذهب فلم يقطع الصلاة ضمن؛ لأنه ترك الحفظ الواجب مع القدرة عليه؛ لأن خوف فواته يبيح قطع الصلاة.
وفيه أيضاً وسئل أبو بكر عن من أمر رجلاً أن يستكري له حماراً ويذهب إلى مكان كذا، على أن يوفر الآمر الأجرة، ففعل المأمور ذلك وأدخله رباطاً، فهجم عليه اللصوص في ذلك الرباط، واستولوا على الحمار قال: فإن كان الرباط على الطريق الذي كان يمر المستأجر عليه، فلا ضمان وعليه الأجر إن كان فرغ من استعماله؛ لأنه لم يخالف.
رجل استأجر رجلاً ودفع إليه حماراً ليذهب إلى بلد كذا، ويشتري له شيئاً فذهب المأمور وأخذ السلطان حمر القافلة، فذهب بعض أصحاب الحمر في طلب الحمر، ولم يذهب البعض، وهذا الأجير لم يذهب أيضاً. قال: إن كان الذي بقي ذهبوا في طلب الدواب منهم من وجد دابته، ومنهم من لم يجد، ولا يلام على من لم يذهب في ترك الذهاب بسبب ما لزم من ذهب من الشدة والمشقة فلا ضمان.
وفي «فتاوى الفضلي» أيضاً رجل استأجر من آخر حماراً ليذهب به إلى موضع معلوم فأخبر أن في الطريق لصوص، فلم يلتفت إلى ذلك الخبر، فذهب وأخذه اللصوص وذهبوا بالحمار. قال الفقيه أبو بكر رحمه الله: إن كان الناس يسلكون ذلك الطريق مع هذا الخبر بدوابهم وأموالهم فلا ضمان، وإلا فهو ضامن؛ لأنه في الفصل الأول ليس بمضيع، وفي الفصل الثاني مضيع.
سئل الفقيه أبو جعفر رحمه الله عن جماعة أجر كل واحد منهم حماره رجلاً وأمروا رجلاً يذهب معه يتعاهد الدواب، فإنه لا يعرفه فذهب معه، فقال له المستأجر: قف هاهنا حتى أذهب أنا بحمار واحد، وأحمل الجوالق، فذهب بالحمار فلم يقدر عليه، فلا ضمان على المتعاهد؛ لأنهم أمروه بتعاهد ما في يد الغير وهو المستأجر، فلا يلزمه العهدة.
ومن هذا الجنس في «فتاوي النسفي» : رجلاً استكرى دابة من القرية إلى المصر، فبعث صاحب الدابة رجلاً مع المستكري، فاشتغل المبعوث في الطريق بأمر وذهب المستكري وحده وضاع الحمار من يده، فلا ضمان على الرجل المبعوث؛ لأن صاحب الدابة ما سلم الدابة إليه؛ ولأنه ما ضيع الدابة إنما تركها في يد المستكري الذي هو أمين صاحب الدابة، وإنه لا يوجب الضمان.
وفي «فتاوي الفضلي» : أكترى رجل حماراً من بلدة كسرى إلى بخارى فبقي الحمار في الطريق وصاحب الحمار ببخارى فأمر المستكري رجلاً أن ينفق على الحمار في علفه كل يوم مقداراً معلوماً، وقاطعه أجرته إلى أن يقبض صاحب الحمار حماره، فأمسك الأجير الحمار أياماً وأنفق عليه في علفه، ثم هلكت الدابة في يد الأجير، ففي المسألة حكمان: حكم النفقة، وحكم الضمان، أما حكم النفقة: فقد مر من قبل، وأما حكم الضمان فإن كان المستكري اكتراه لركوبه فهو ضامن قيمة الحمار؛ لأنه إذا اكتراه لركوبه