واجب في حالة الأمانة، وهذه حالة أخرى فلم يجتمع الأجر والضمان إذاً.
ومن وجه آخر أن الأجر مع الضمان إنما لا يجتمعان؛ لأن بالضمان يصير المضمون ملكاً للآخر، فيتبين أنه عمل في ملك نفسه وهذا المعنى لا يتأتى ههنا؛ لأنه إذا ضمنه في المكان الذي انكسر، فإنما يملكه الحمال في المكان الذي انكسر فيبقى حاملاً إلى هذا المكان ملك الغير، فيستحق الأجر (٥١ب٤) وصار كما لو استهلك المتاع بعدما سلمه إلى المالك، هذا إذا انكسر في وسط الطريق. فأما إذا سقط من رأسه أو زلق رجله بعدما انتهى إلى المكان المشروط، وانكسر الدن فله الأجر ولا ضمان عليه.
حكي عن القاضي صاعد النيسابوري هكذا؛ لأنه حين انتهى إلى المكان المشروط لم يبق الحمل مضموناً عليه. فإما يتوجب جميع الأجر وصار الحمل مسلماً إلى صاحب الدن، حتى لا يستحق الحبس، والمتولد من عمل غير مضمون لا يكون مضموناً عليه بخلاف ما إذا انكسر في وسط الطريق؛ لأن الحمل مضمون لأنه لم يقع الفراغ عنه بعد، وهذا الذي حكي عن القاضي صاعد يوافق قول محمد أخيراً على قول أبي يوسف، وهو قول محمد.
أو لأن الحمال يجب أن يكون ضامناً، فقد ذكر بعد هذا عن ابن سماعة: في رجل استأجر حمالاً يحمل له فرقاً من سمن إلى بيته، ثم أنزله الحمال مع صاحب الفرق من رأس الحمال، فوقع من أيديهما وهلك، فالحمال ضامن في قول أبي يوسف. وهو قول محمد أولاً. فأبو يوسف ما اعتبر الوصول إلى بيت صاحب الفرق إذ لو اعتبرها قال: بوجوب الضمان، وإنما بيته معنى آخر أن يد الحمال قد بتت، وصار الفرق في ضمانه، فلا تبرأ عن الضمان إلا إذا أزال يد الحمال من كل وجه، وإذا وضعاه عن رأس الحمال، فما زال يد الحمال من كل وجه وفي مسألة: ما لم يزل يد الحمال أصلاً. فأولى أن لا يبرأ عن الضمان عنده ههنا.
ثم رجع محمد عن هذا. وقال: لا ضمان على الحمال، وأشار إلى المعنى: أن السمن وصل إلى صاحبه فيبرأ عن الضمان. هذا إذا حصل التلف بجناية يده. أما إذا حصل التلف لا بجناية يده إن حصل بأمر لا يمكن بالتحرز عنه لا ضمان عليه بالإجماع. وله الأجر لأن عمل الحمال يعتبر مسلماً إلى المالك في موضع لم يجب الضمان على الحمال. فإنما هلك المتاع بعد التسليم، فلا يسقط الأجر.
وإن هلك بأمر يمكن التحرز عنه. فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله لا ضمان عليه وله الأجر بحساب ذلك.
وعندهما يجب الضمان وللمالك الخيار. كما لو حصل التلف بجناية يده.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : في الملاح إذا أخذ الأجر وغرقت السفينة من موج، أو ريح أو مطر، أو من شيء ليس في وسعه دفعه، فلا ضمان عليه.
وإن حصل الغرق من عمله بأن غرقت من يده أو من خرقه يضمن، إذا لم يكن صاحب المتاع فيها؛ لأن محل العمل سلم إليه والمضمون لا يجوز أن يضمن بالعقد، وفي وسع الأجير دفع