وإن كان صاحب المتاع في السفينة، أو وكيله وغرقت السفينة من يده ومعالجته فلا ضمان عليه، إلا أن يخالف لأن محل العمل غير مسلم إليه.
إذا كان صاحب الطعام في السفينة وكان بمنزلة ما لو عثرت الدابة المستأجرة من سوق أجير المشترك، فسقط الحمل ففسد، وصاحب المتاع راكب على الدابة؛ فإنه لا يضمن الأجير لأنه لم يحل بينه وبين المتاع، فكذلك هذا بخلاف ما لو عثرت الدابة المستأجرة، فسقط المتاع فهلك وصاحب المتاع يسير معه خلف الدابة، فإن الأجير يضمن؛ لأن الهلاك حصل من جناية يده، ومحل العمل مسلم إليه؛ لأنه سلم المتاع إليه وسيره معه خلف الدابة، ليس باسترداد لما دفع إليه. ألا ترى أنه بهذا السير غير متمكن من الدابة، فكيف يتمكن ما عليها، بخلاف راكب السفينة؛ لأنه متمكن من السفينة فيكون متمكناً مما كان في السفينة، فلا تحصل التخلية.
قياس مسألة السفينة من الدابة: أن لو كان صاحب المتاع راكباً على الدابة، فعثرت الدابة من مسافة، وسقط المتاع وهلك، ولو كان كذلك لا يضمن.
وفي «المنتقى» لو حمل متاعاً على حمال وصاحب المتاع يمشي معه، فعثر الحمال وسقط المتاع وفسد فهو ضامن؛ لأن عثاره من جناية يده.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: وإن كان على الدابة مملوك صغير لرب المتاع، واستأجر الدابة ليحملهما فعثرت الدابة فوقعا، فمات المملوك، وإن كان الهلاك من جناية يده؛ لأن المضمون هو الدم لأنه صار قاتلاً للعبد. وما يجب بقتل العبد ضمان دم، والدم مما لا يضمن بالعقد. بخلاف المتاع، ثم إنما يضمن المتاع إذا كان العبد بحيث لا يصلح لحفظ المتاع، فأما إذا كان يصلح لحفظ المتاع لا يضمن المتاع؛ لأنه في يد العبد ويد العبد يد المالك، فكان بمنزلة ما لو كان على الدابة وكيل المولى.
وقد نص على هذا في مسألة السفينة فقال: وكذلك السفينة لو حمل فيها رقيقاً له مع متاعه، ومثلهم لا يحفظ شيئاً فغرقت السفينة من فعله وهلك المتاع وهلك الرقيق، فإن الملاح يضمن المتاع، ولا يضمن الرقيق شرطه لضمان المتاع أن لا يصلح مثل هذا الرقيق للحفظ، فهذا يبين لك أنه إذا كان يصلح أن لا يضمن المتاع، وكذلك ما هلك من غير صنع الأجير المشترك، إنما يجب عليه ضمانه عندهما إذا صار العين مسلماً إلى الأجير، حتى قال محمد رحمه الله: وإذا كان رب المتاع والمكاري راكبين على الدابة المستأجرة، أو سابقين أو قائدين عثرت الدابة وهلك المتاع الذي عليه، لا ضمان على المكاري. وكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا سرق المتاع من رأس الحمال ورب المتاع معه، فلا ضمان عليه؛ لأن يد صاحب المتاع قائم على المتاع بعد وقيام يده يمنع وقوع التسليم إلى غيره.
قال القدوري رحمه الله في كتابه: ولو كان الطعام في سفينتين مقرونتين إلا أنهما يسيران معاً، ويحبسان معاً، وصاحب المتاع في أحدهما فلا ضمان على الملاح فيما هلك.