وفي «المنتقى» لو كانت سفن كثيرة وصاحب المتاع أو الوكيل في إحداها فلاضمان على الملاح، فيما ذهب من السفينة التي فيها صاحب المتاع أو وكيله، وضمن ما سوى ذلك. قال: هذا كله قول أبي يوسف ومحمد قال ثمة ولأبي يوسف: فيما إذا كانت السفن كثيرة قول آخر. فقال: إذا كانت السفن تنزل معاً وتسير معاً، حتى يكونوا في رفقة واحدة، فلا ضمان على الملاح وإن تقدم بعضها بعضاً وكذلك القطار إذا كان عليها حمولة ورب الحمولة على بعير فلا ضمان على الحمال، لأن يد صاحب المتاع ثابتة على جميع ذلك.
وعن أبي يوسف: فيمن استأجر حمالاً ليحمل له هو فرقاً من سمن فحمله صاحبه، والحمال ليضعاه على رأس الحمال، فوقع وتخرق الزق، لا يضمن الحمال؛ لأنه لم يسلم إليه السمن، فإن السمن بعد في يد صاحبه ولا ضمان على الحمال بدون التسليم وهكذا روى ابن سماعة في نوادره عن محمد.
قال: في نوادر ابن سماعه: ولو حمله ثم وضعه في بعض الطريق، ثم أراد رفعه فاستعان برب الزق فرفعا بصعابه، فوقع فتخرق، فالحمال ضامن لأنه صار في ضمانه حين حمله، ولم يبرأ منه بعد؛ لأنه لم يسلمه إلى صاحبه.
وإن حمله إلى بيت صاحبه، ثم أنزله الحمال مع صاحب الفرق من رأس الحمال فوقع من أيديهما، فالحمال ضامن عند أبي يوسف. وهو قول محمد أولاً؛ لأن يد الحمال قد ثبتت وصار في ضمانه فلا يبرأ إلا إذا أزال يد الحمال من كل وجه وإذا وضعاه جميعاً فيد الحمال لم تزل، فلا يزول الضمان. ثم رجع محمد رحمه الله وقال: لا ضمان على الحمال، لأن السمن قد وصل إلى يد صاحبه فيبرأ عن الضمان.h
قال الفقيه أبو الليث: القياس أن يضمن الحمال النصف؛ لأن الفرق وقع من فعلهما، وكثير من مشايخنا افتوا به. وروى ابن سماعة عن محمد: إذا كان رب المتاع والمكاري يسوقان الدابة، فلا ضمان على المكاري. وعن أبي يوسف: إذا كان رب المتاع مع المكاري، فعثرت الدابة فلا ضمان على المكاري. وإن كان عثار الدابة من سياقه أو قياده.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : إذا انقطع حبل الحمال وسقط الحمل، ضمن الحمال بالاتفاق؛ لأنه لما شده بحبل لا يحتمله فكأنه هو المسقط للحمل، وكان التلف حاصلاً من جناية يده معنى.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: الحمال إذا أنزل في مفازة وتهيأ له الانتقال فلم (٥٢أ٤) ينتقل حتى فسد المتاع بسرق أو مطر، فهو ضامن وتأويله: إذا كان السرقة والمطر غالبا؛ لأنه يكون مضيعاً.
وفي «الواقعات» : استأجر حمالاً يحمل له طعاماً في طريق كذا، فأخذ في طريق آخر يسلكه الناس، فهلك المتاع فلا ضمان. وهكذا ذكر في «الجامع الصغير» قالوا: وهذا إذا كان الطريقين متقاربين لأنه لا يصح التعيين لعدم الفائدة.