للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياساً لعلتين أحداهما: وهو أنه باع ما ليس عنده وبيع ما ليس عند الإنسان لا يجوز إلا سلماً ولم يوجد. ولأنه استصنع في حق الزيادة والاستصناع في الثياب لا يجوز، إلا أنه في الاستحسان يجوز لتعامل الناس فإن الإنسان قد يدفع غزلاً إلى حائك ويأمره بنسج ثوب، ويعلم أنه لا يكفي الغزل المدفوع للثوب المأمور به فيشترط عليه زيادة غزل على سبيل الشراء، أو يدفع غزلاً وعنده أنه يفي هذا الغزل، فينتقص الغزل عن القدر المأمور به ولا يجد رب الثوب غزلاً مثله، فنقول للحائك: زد فيه غزلاً من عندك على أن أعطيك ثمنه، فإذا كان كلا الأمرين متعارفاً فيما بين الناس، ترك القياس فيهما وخص به الأثر وهو النهي الوارد عن بيع ما ليس عنده.

وإذا جاز هذا، فإن اختلفا بعد الفراغ من الثوب، فقال رب الثوب: لم يزد فيه شيئاً. وقال الحائك: زدت فيه ما أمرتني فهذا على وجهين أيضاً. فإن كان مستهلكاً ذكر أن القول قول رب الثوب مع يمينه على عمله؛ لأنهما تنازعا في شيء، ولم يمكن معرفة ما وقع التنازع فيه من جهة غيرهما، فتعتبر فيه الدعوى والإنكار. والحائك يدعي على صاحب الغزل زيادة ثمن الغزل، وزيادة الأجر. ورب الثوب ينكر، فيكون القول قوله مع يمينه على علمه؛ لأنه يحلف على فعل الغير، فيحلف على العلم، فإن نكل عن اليمين تثبت الزيادة، فكان عليه جميع ما سمي للحائك بعضه بإزاء العمل، وبعضه ثمن الغزل؛ لأن ما ادعاه الحائك ثبت بنكول رب الثوب، فكان كالثابت بإقراره. وإن حلف ولم تثبت الزيادة، ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : أنه يطرح عنه ثمن الغزل، ويلزمه أجر الثوب؛ لأنه لم يثبت الزيادة من عند الحائك لما حلف رب الثوب، فلا يكون له ثمن الغزل، فيطرح عنه ما يخص الغزل.

ومعرفة ذلك: أن يقسم المسمى على أجر مثل عمله، فيما أمر به وذلك عمله في من ونصف قيمة الغزل المشروط على الحائك؛ لأنه قابل المسمّى بالغزل، وبالعمل في منّ، ونصف؛ لأن مناً من غزل أعطاه المستأجر، ونصف من اشترى منه، فيطرح عنه ثمنه وأصاب العمل هو آجر الثوب يلزمه، حتى أنه كان المسمى، مثلاً ثلاثة دراهم بإزاء الغزل وبإزاء العمل. وقيمة الغزل درهم مثل عمله فيما أمر به درهمان من المسمى، يطرح عنه درهم ثمن الغزل، ويقسم ما بقي من المسمى على أجر مثل عمله، فيما عمل، وفيما لم يعمل؛ لأنه جعل الأجر بإزاء عمله فيما دفع إليه من الغزل، وفيما أمره بالزيادة (٥٩أ٤) ولم يوف العمل فيما أمره بالزيادة، فلا بد أن يطرح عنه حصة ذلك من الأجر.

وكيف تعرف حصة ما لم يعمل في الزيادة من الأجر مما عمل؟ اختلف فيه المشايخ. قال بعضهم: يعرف باعتبار الوزن، إن كان ما دفع إليه مناً من غزل، وما شرط عليه نصف من يقسم الباقي من المسمّى بعد ثمن الغزل وذلك درهمان عليهما أثلاثا ثلثاه بازاء ما عمل، وثلثه بازاء ما لم يعمل فيطرح عنه الثلث، ولا تعتبر السهولة والصعوبة في العمل بسبب صغر الثوب، وكبره كما في المراحل إذا ماتت الدابة المستأجرة في وسط الطريق، فإنه يطرح بعض الأجر، ويبقى البعض، ثم يتعرف قدر الساقط من القائم باعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>