الزاهد فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله في «مقدمة قضاء الجامع» ، أنه لا ينفذ، وهكذا ذكر في وقف «فتاوى الفضلي» ، وإليه أشار محمد رحمه الله في قضاء «الجامع» ، فإنه قال: إذا شهد محدودان في قذف بعدما تابا عند قاض، فرأى القاضي أن يجيز شهادتهما، وقضى بذلك نفذ قضاؤه بشرط رؤية القاضي جواز شهادتهما لنفاذ قضائه بشهادتهما.
وذكر الخصاف في «أدب القاضي» : أن القاضي إذا قضى بخلاف رأيه ينفذ عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما، وكان الفقيه أبو عبد الله الجرجاني رحمه الله يقول لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله، وعند محمد رحمه الله يجوز وفي «شرح الجامع» لأبي بكر الرازي رحمه الله أن القاضي إذا قضى بخلاف مذهبه مع العلم لا يجوز في قولهم وذكر الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني رحمه الله في شرح كتاب «الأقضية» أن على قول أبي حنيفة ينفذ قضاؤه، وعلى قول أبي يوسف لا ينفذ، ولا رواية في هذا عن محمد رحمه الله، قال: هكذا ذكر في بعض المواضع، وذكر في بعض المواضع أن على قول أبي حنيفة رحمه الله يجوز، وعلى قول أبي يوسف لا يجوز.
وذكر القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله أن على قول أبي يوسف وأبي حنيفة لا يجوز، وعلى قول محمد يجوز، قال رحمه الله ذكر الخلاف في بعض المواضع في نفاذ القضاء، وفي بعض المواضع ذكر الخلاف في حل الأقدام على القضاء، وذكر في كتاب القسمة في الوصايا التي ازدادت على الثلث عند أبي حنيفة بطريق المنازعة، وعندهما بطريق العول والمضاربة، ثم قال: وبأي ذلك أحدث فهو حسن، فإن كان الخلاف في جواز الأخذ برأي الغير، فوجه قول من قال بالجواز أن القاضي أمر بالمشاورة، فلو لم يجز له الأخذ برأي غيره إذا كان مخالفاً لرأيه لم يكن للأمر بالمشاورة فائدة، وجه قول من قال بعدم الجواز قوله تعالى:{وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم}(المائدة: ٤٩) الله تعالى نهى القاضي عن اتباع هوى الغير، وإن كان الخلاف في نفاد القضاء، فوجه قول من قال بعدم النفاذ، أنه زعم فساد قضائه فيعامل في حقه بزعمه، وجه من قال بالنفاذ أنه قضى في محل الاجتهاد فينفذ قضاؤه، كما لو قضى برأي نفسه، وهذا لأن القضاء إنما يرد لمكان الخطأ، ولا يتيقن بالخطأ في موضع الاجتهاد؛ لأن كل مجتهد لا يقطع القول بأن الصواب ما أدى إليه اجتهاده، ولا ما أدى إليه اجتهاد خصمه، بل الأمر محتمل عنده، فإذا كان الأمر محتملاً عنده يتعين الصواب في الجانب الذي يتصل به القضاء حملاً لأمره على الصلاح فينفذ.
وفي «رجوع الجامع» إذا قضى على الغائب، وهو لا يرى ذلك لا ينفذ عند محمد رحمه الله، وذكر في هذه المسألة في «فتاوى الفضلي» وذكر أنه ينفذ في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وكان القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي رحمه الله يفتي بعدم نفاذ القضاء في هذه الصورة، وكان الصدر الشهيد رحمه الله يفتي بنفاذ القضاء، وكان الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني يفتي بالنفاذ أيضاً، وما يفعله قضاة