ولو أن امرأة طلقها زوجها قبل الدخول بها، وقد كانت قبضت المهر وتجهزت بذلك، فقضى القاضي للزوج بنصف الجهاز؛ لأنه كان يرى ذلك كما قال بعض الناس، بناء على أن الزوج لما دفع الصداق إليها، فقد رضي بتصرفها برضا الزوج كتصرف الزوج بنفسه، ولو أن الزوج اشترى ذلك بنفسه، وساق إليها، ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها نصف الجهاز، فكذا هاهنا، فإذا قضى قاض لا ينفذ قضاؤه؛ لأنه بخلاف قول الجمهور، وبخلاف كتاب الله تعالى، فإن الله تعالى جعل للزوج الطلاق قبل الدخول نصف المفروض، والمفروض هو المسمى في العقد، والجهاز لم يكن مسمى في العقد فلا ينصف، فكان هذا قضاء بخلاف النص فكان باطلاً.
ولو قضى قاض بإبطال المهر من غير بينة ولا إقرار أخذ بقول بعض الناس، إن قدم النكاح يوجب سقوط المهر إما بإيفاء من الزوج، أو بإبراء من المرأة، وترك المرأة الطلب في هذه المدة دليل عليه، فهذا القضاء باطل؛ لأنه مخالف لإجماع السلف.
ولو طلق امرأته في حال الحيض، أو في طهر جامعها فيه أو طلقها بكلمة واحدة، وقضى قاض بإبطال كله، فهو باطل؛ لأنه يخالف السنة والإجماع فكان باطلاً.
ولو أن رجلاً قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فتزوجها ورفع الأمر إلى قاض يرى بطلان ذلك القضاء فأبطله، نفذ قضاؤه؛ لأنه فصل مجتهد فيه في الصدر الأول، وإذا قضى القاضي في الخلع أنه فسخ أو طلاق نفذ قضاؤه؛ لأن المسألة مختلفة في الصدر الأول. هكذا ذكره شيخ الإسلام.
ولو قضى قاض بالقرعة في رقيق أعتق الميت واحداً منهم لم ينقض قضاؤه، لأنه مجتهد فيه، فمالك والشافعي يقولان بالقرعة، واعتمدا حديث الحسن البصري «أن رجلاً أعتق ستة أعبد له في مرضه، ولا مال له غيرهم، فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وأعتق اثنين منهم» ، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا ينفذ قضاؤه؛ لأن استعمال القرعة نوع قمار وإنه حرام، وأنه كان ثم انتسخ، والعمل بالمنسوخ باطل، ولو قضى برد نكاح امرأة بعيب غم أو جنون أو نحو ذلك لم ينقض قضاؤه؛ لأنه مجتهد فيه في الصدر الأول كان عمر رضي الله عنه يقول برد المرأة بالعيوب الخمسة، وكان علي وابن مسعود رضى الله عنهما يقولان: لا ترد، ولو ردت المرأة الزوج بواحد من هذه العيوب، وقضى قاض بجوازه نفذ قضاؤه؛ لأن هذا فصل مختلف فيه بين أصحابنا رحمهم الله، فمحمد رحمه الله يقول بالرد، فالقضاء صادف محلاً مجتهداً فيه، ولو قضى بجواز نكاح بغير الشهود نفذ قضاؤه؛ لأن المسألة مختلفة، فمالك وعثمان البتي كانا