للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التضييق حتى قال: من سمع الأذان وانتظر الإقامة سقطت عدالته، ومنهم من وسع كل التوسيع، ولا يضيق كل التضييق ولا يعدل مردود الشهادة من غير علم، ولا يجرح عدلاً من غير علم.

وينبغي أن يكون غنياً حتى لا يخدع بالمال، وإن وجد عالماً فقيراً، وغنياً غير عالم اختار العالم، وإن وجد عالماً ثقة لا يخالط الناس، ووجد ثقة غير عالم يخالط الناس يختار العالم؛ لأن العالم لا يقدم في شيء حتى يصح ذلك عنده، فهو بعلمه يقدر على الجرح والتعديل، وغير العالم لا يعرف العدل من غير العدل، فكان العالم أولى من هذا الوجه.

الأولى أن لا يكون المزكي مغفلاً، ولا يكون منزوياً لا يخالط الناس؛ لأنه إذا كان مغفلاً، أولا يخالط الناس لا يعرف معاملاتهم، ولا ينكشف له حالهم، ولا يمكنه تمييز العدل.

والعدد في المزكي ورسول القاضي إلى المزكي، وفي المترجم عن الأعجمي، وعن الشاهد أو الخصم الأعجمي ليس بشرط عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، والواحد يكفي، وعند محمد رحمه الله العدد شرط، والواحد لا يكفي، ويكفيه الاثنان إن كان المشهود به حقاً يثبت بشهادة رجلين عدلين، وإن كان حقاً لا يثبت إلا بشهادة الأربع، وأجمعوا على أن ما سوى العدد من سائر شرائط الشهادة سوى التلفظ بلفظة الشهادة من العدالة والبلوغ والبصر، وأن لا يكون محدوداً في القذف شرطه، والحرية شرط بالإجماع في ظاهر الرواية، والإسلام شرط بالإجماع، إذا كان المشهود عليه مسلماً.

وأجمعوا على أن التلفظ بلفظة الشهادة ليس بشرط، فوجه قول محمد رحمه الله: أن التزكية والترجمة شهادة معنى؛ لأن القضاء لا يجب إلا بهما كما لا يجب إلا بالشهادة؛ لأن العلم للقاضي لا يثبت إلا بهما، فكانت شهادة معنى، فيعتبر بالشهادة حقيقة، والواحد لا يكفي في الشهادة حقيقة، فكذا في التزكية والترجمة، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله أنهما قالا: إن التزكية والترجمة شهادة معنى كما قاله محمد رحمه الله إلا أنه خبر حقيقة، ولهذا لا يشترط فيهما لفظة الشهادة، وهو قوله: أشهد.

فمن حيث إنه خبر لم يشترط فيها العدد، ومن حيث الشهادة شرطنا فيها سائر شرائط الشهادة، ولحقيقة أن اشتراط سائر الشرائط ما سوى العدد في الشهادة على موافقة القياس، أما العدالة فلأن بها يترجح الصدق، ولهذا شرطت العدالة في سائر الإجارات، وأما البلوغ عن عقل والحرية؛ فلأن الشهادة ولاية على الغير، وإنها متفرع عن الولاية عن نفسه، والولاية على نفسه لا تثبت إلا بالبلوغ عن عقل والحرية.

وأما البصر؛ فلأن (٨١ب٤) القدرة على التمييز إنما يثبت به، وأما الإسلام إنما شرط إذا كان المشهود عليه مسلماً؛ لأنه لا ولاية للكافر على المسلم، أو لأن الكافر متهم بالخيانة في حق المسلمين، دل أن اشتراط هذه الشرائط في الشهادة على موافقة

<<  <  ج: ص:  >  >>