بالتلقي منه، وأما إذا اشتراه أحد ممن لا تجوز شهادته له، فلأنه يصير حاكماً له، وهو لا يصلح حاكماً؛ لأنه لا يصلح شاهداً له.
وإذا قال الحكم: قامت لفلان بينه عندي على فلان بكذا وكذا قضيت له به على فلان، فأنكر فلان البينة والقضاء، فإن قضاءه ماض عليه. وكذلك إذا قال الحكم: أقر فلان عندي لفلان بكذا وقضيت بها عليه، فإن قضاءه ماض عليه لأن الحكم فيما بين المتخاصمين بمنزلة القاضي المولى، لو قال على نحو ما قاله الحكم، كان قوله حجة فكذا قول الحكم.
فإن قيل: أليس أن الحكم قد خرج عن الحكومة بالحكم فحين أخبر أنه قضى عليه بإقراره من ليس يحكم، فينبغي أن لا يصدق في ذلك كالقاضي بعد العزل، إذا قال قضيت لهذا على هذا بكذا، قلنا: الحكم إنما يخرج عن الحكومة إذا حكم فيما بين المتخاصمين، وفي زعم المدعى عليه أنه لم يقض بعد لأنه أنكر القضاء، وإنه على حكومته ففي زعم المدعى عليه أنه يجبر على الحكم وهو حكم فيعامل معه بزعمه، وصار كالوكيل بالبيع إذا قال كنت بعت أمس فكذبه الموكل، فإنه يصدق الوكيل وإن كانت الوكالة تنتهي بالبيع؛ لأن في زعم الموكل أنه لم يبع وأن وكالته لم تنته، فإنه خبر عن البيع حال قيام الوكالة، فعومل معه بزعمه كذا ها هنا،
وإذا شهد شاهدان أن هذا الحكم قضى ليلاً على هذا بألف درهم وشهد آخران أن هذا الحكم أبرأ هذا عن الألف التي ادعاها هذا والحاكم ميت أو غائب أو حاضر، إلا أنه يجحد البعض ويقر بالبعض فإني أقضي بالبراءة؛ لأن المدعى عليه لما ادعى البراءة فقد أقر بالدين فوقع الاستغناء عن قبول بينة الطالب لإقرار المدعى عليه، والمدعى عليه بعد ذلك أثبت البراءة بالبينة من غير معارضة فتقبل بينته، ألا ترى أنه لو كان الحكم قاض مولى كان الحكم ما ذكرنا للمعنى الذي أشرنا إليه كذا هنا.
ولو كانت الخصومة في دار وشهد شاهدان آخران للخصم الآخر أن الحكم قضى بها لهذا تهاترت البينتان وتترك الدار في يد من كانت قبل هذا قضاء ترك؛ لأنه تعذر العمل بالبينتين؛ لأن إحداهما كاذبة بيقين وتعذر العمل بإحداهما إذ ليست إحداهما للعمل بها أولى من الأخرى.
ولو كانت الخصومة بينهما في ألف درهم وأقام المدعي بينة أن الحكم قضى له على المدعى عليه بالألف التي ادعاها يوم السبت، وأقام المدعى عليه بينة أن المدعى عليه أخرجه عن الحكومة قبل ذلك فحكمه باطل؛ لأن الثابت بالبينة العادلة كالثابت عياناً ولو عاينا أن المدعى عليه أخرج الحكم عن الحكومة قبل يوم السبت، ثم إن الحكم حكم عليه بعد ذلك يوم السبت كان حكمه باطلاً كذا هنا.
قال: ولو كان المدعي أقام البينة أن الحكم قضى له بالمال يوم الجمعة، وأقام المدع (عليه) البينة أن الحكم قضى له بالمال يوم السبت، فإن القضاء الأول نافذ والقضاء الثاني باطل وهذا لأن الثابت بالبينة العادلة كالثابت عياناً ولو عاينا القضاءين على الترتيب