للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاسدة، هكذا روي عن محمد رحمه الله. قالوا: وينبغي أن لا يكتفي بهذا القدر بل يفسر الشهادة ويبينها؛ لأن صحة الشهادة واتفاق المعنى وموافقة الدعوى فيما ادعي لا يثبت بمجرد ... ؛ لأنه ربما يظنها صحيحة موافقة للدعوى، وتكون فاسدة مخالفة الدعوى، فلا بد من البيان ليكون المكتوب إليه على بصيرة، فينظر إليها فإن عرفها صحيحة عمل بها، وإن عرفها فاسدة ردها، فلهذا يبين ويفسر شهادته ويصححها على الوجه الذي ذكرنا في الدعوى، ويتبين الدين ويعلمه على نحو ما بينا، ويذكر في شهادتهم إعلام المدعي والمدعى عليه.

وإعلام الحاضر بالإشارة، وإعلام الغائب بذكر الاسم والنسب والمدعي حاضر، فإعلامه بالإشارة إليه والمدعى عليه غائب، فإعلامه بذكر الاسم والنسب، فيكتب شهدوا أن لفلان المدعي هذا علي فلان بن فلان هذا الذي ذكر اسمه ونسبه في هذا الكتاب في دعوى المدعي هذا كذا وكذا، يذكر جنس الدين ونوعه وصفته وقدره وجميع ما ذكرنا في الدعوى ثم يكتب فواجب على فلان هذا تسليم المال إلى هذا المدعي ليقبضه لنفسه.

وقد اختلف المتأخرون في أنه هل يشترط ذكر هذا؟ والصحيح أنه لا يشترط؛ لأن حاجة القاضي إلى نقل الشهادة وبيان شهادة الشهود لا إلى بيان حكم ما ثبت عنده من جهة الشهود، وهذا ليس من صلب شهادتهم، ولا يشترط ذكره، ويشترط بيان سبب الدين لما ذكرنا في الدعوى، ولتكون الشهادة موافقة للدعوى.

وإن كانت الدعوى في العقار يكتب في شهادتهم العقار، يذكر موضعها وحدودها على نحو ما ذكرنا في الدعوى، ويذكر أنها في يد المدعى عليه هذا بغير حق. ولا بد للشهود في العقار أن يشهدوا أنها في يد هذا المدعى عليه بغير حق، لأن المدعى عليه في العقار إنما ينتصب خصماً باعتبار يده، فما لم تثبت يده على العقار عند القاضي، فالقاضي لا يجعله خصماً ثم يكتب وشهد كل واحد من الباقين بمثل شهادته هذه، وأشار في جميع مواضع الإشارات ولا يكتب على مثل شهادته؛ لأن كلمة مثل صفة في الكلام قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء} (الشورى: ١١) ، أي كهو شيء فيصير هذا شهادة على شهادة الأول، وإنه لا يقبل هاهنا، ولكن يكتب بمثل شهادته، كما قلنا لم يكتب: فأتوا بالشهادة على وجهها وساقوها على سببها، فسمعتها وأثبتها في المحضر المخلد ديوان الحكم؛ لأنه ينبغي أن يكون ذكر الدعوى والشهادة مكتوباً في بياض، ويكون في خريطة القاضي حتى يؤمن عن التغيير والتبديل، فعسى يحتاج إلى الرجوع إليه، حتى يكون عن بصيرة وطمأنينة.

ثم بعد ذلك إن عرف القاضي الشهود أثبت ذلك في الكتاب، فيكتب: وهم معروفون عندي بالعدالة والرضا وقبول القول، فإن لم يعرفهم سأل المزكي عن حالهم الواحد يكفي، والاثنان أحوط وأبعد عن الخلاف، فإن أتوا عليهم بالعدالة يكتب:

<<  <  ج: ص:  >  >>