للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحليف المدعي، فإنه لو أراد المدعى عليه استحلافه يمكنه عند القاضي ذلك، ثم يكتب فقبلت شهادتهم قبول مثلها، وسألني المدعي هذا مكاتبة في ذلك الإشهاد عليه وعلى مضمونه وعلى ختمه فأجبته (٩٠أ٤) إليه، لإيجاب العلم للإجابة إليه، فأجزت كتابي هذا مسهلاً إليه ما جرى من عندي، ذلك على ما طويت كتابي هذا، وحكيت فيه معلماً بذلك إباءه حتى إذا وصل كتابي هذا إليه صحيح الختم وثبت عنده من الوجه الذي يوجب العلم قبوله قبله وقدم في باب مورده بالحق لله تعالى عليه تقديمه فيه معاناً بالتوفيق، وإنما يكتب سؤال المدعي؛ لأن القاضي نصب لفصل الخصومات لا لإحيائها، فتبين أن كتابة هذا الكتاب كان لسؤال المدعي ليكون معذوراً، ولأن كتاب القاضي حق المدعي، وحق الإنسان إنما يوفى بعد طلبه.

وروي عن محمد رحمه الله أن القاضي الكاتب يذكر في الكتاب أسماء الشهود الذين أشهدهم على الكتاب، فيكتب: وأشهدت فلاناً وفلاناً وفلاناً على كتابي ومضمونه، وسأختم على كتابي بحضرتهم والإشهاد على مضمون الكتاب أمر لازم، لما ذكرنا أن على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله القاضي المكتوب إليه لا يقبل الكتاب حتى يشهد الشهود على مضمون الكتاب، وكذلك الختم بحضرتهم شرط لازم حتى يمكنهم الشهادة على الختم شرط عندهما، واختار بعض المتأخرين كتابة علامته على أوصال قطاع الكتاب وإنه زيادة لا بأس بها، ولا يحتاج إليها؛ لأن بالختم على الكتاب ينتفي احتمال إدخال قطعة فيها وإخراج قطعة عنها، كما ينتفي احتمال التغيير والتبديل.

ولو وقع القاضي على صدر الكتاب وآخره كما في السجلات وغيره، ويكتب في آخره هذا الكتاب كتب عني بأمري بما جرى فيه مني وعندي، وإنه يشتمل على كذا وكذا قطعة وعلى الأوصال على ظاهره مكتوب كذا، وعلى الباطن مكتوب كذا، وسأختمه بخاتمي ونقش خاتمي كذا بذكر هذه الأشياء مبالغة في التوثيق، ولو لم يتوثق به لا بأس به؛ لأنه وقع الأمن بسبب الختم عن الاحتمال.

ثم إذا انتهى الكتاب إلى المكتوب إليه ينبغي للمكتوب إليه أن يجمع بين الذي خاصمه بالكتاب وبين خصمه، يطلبه ولا ينبغي له أن يقبل البينة على أنه كتابة القاضي إلا ومعه خصمه، وإنما يجمع للمكتوب إليه بين المدعي وبين خصمه؛ لأنه يحتاج إلى فصل الخصومة بينهما، وإنما يمكنه ذلك عند حضورهما.

ثم إذا جمع بينهما والمدعي يدعي حقه عليه، ويسأل القاضي المدعى عليه في دعواه، فإن أقر به ألزمه القاضي ذلك بإقراره، ووقع الاستغناء عن الكتاب، وإن جحد دعواه حتى إذا احتاج المدعي إلى إقامة الحجة يعرض الكتاب على القاضي، فإذا عرض، فالقاضي يقول له: ما هذا؟ فيقول كتاب القاضي فلان، فيقول له القاضي: هات البينة على أن هذا كتاب ذلك القاضي لأيعرف حقيقة الحال، فيسأله الحجة على ذلك، والحجة الشهادة.

ولو قبل الكتاب من غير حضرة خصمه جاز، ولو سمع البينة على أن هذا كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>