للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه ملك المدعي يريد به الرجوع على البائع لا تسمع بينته، والفرق من وجهين:

أحدهما: أن في فصل الاستحقاق بينة المشتري قامت على إثبات ما هو ثابت؛ لأنها قامت على إثبات الملك للمستحق والملك للمستحق ثابت بإقرار المشتري، أما في فصل الحرية بينة المشتري قامت على إثبات ما ليس بثابت؛ لأن المشتري بينته تثبت أن البائع غاصب للثمن، لأن الحرة لا تدخل تحت العقد أصلاً وبدلها لا يصير ملكاً للبائع، فهو بهذه البينة يثبت أن البائع قبض مال المشتري بغير حق، وهذا هو تفسير الغصب والغصب لم يكن ثابتاً. أما المشتري في فصل الاستحقاق لا يثبت غصب البائع الثمن؛ لأنه لا يثبت أن ما أخذه البائع أخذه بغير حق؛ لأن بدل المستحق مملوك ولكن يثبت الملك للمستحق في المحل ليثبت لنفسه حق فسخ العقد، وفيما يرجع إلى الملك البينة قامت على إثبات ما هو ثابت.

الفرق الثاني: أن في الفصلين جميعاً المشتري متناقض إلا أن التناقض لا يمنع دعوى الحرية ويمنع دعوى الملك.

ولو أن رجلاً أورد على قاض كتاباً من قاض على رجل بحق فوافى البلد وقد مات المطلوب، فأحضر الطالب ورثة المطلوب أو وصيه وجاء بالكتاب إلى القاضي وأحضر شهوده على الكتاب بمحضر من الوارث أو القاضي، فالقاضي يقبل الكتاب ويسمع من شهوده على الكتاب بمحضر من الوارث أو الوصي وينفذ ذلك، سواء كان تاريخ الكتاب بعد موت المطلوب أو قبله؛ لأن الوارث خليفة المورث والوصي نائب عن الميت، فيكون قائماً مقام الميت. ألا ترى أن الطالب لو أقام بينة بالحق على الميت كان الوارث والوصي هو الخصم كذا هنا.

وإذا ورد على قاض كتاب قاض آخر بشيء لا يراه هذا القاضي وهو مما اختلف فيه الفقهاء، فإنه لا ينفذه؛ لأن كتاب القاضي بمنزلة الشهادة على الشهادة، ثم شهود الفرع إذا شهدوا بحق عند القاضي وهو لا يرى ثبوت ذلك الحق وهو مما اختلف فيه العلماء فإنه ينفذه ويمضيه. والفرق وهو أن السجل لا يكون إلا بعد القضاء، والقضاء صادف محلاً مجتهداً فيه، فينفذ فلا يكون لأحد بعد ذلك إبطاله، فأما الكتاب يكون قبل القضاء، فكان للقاضي الذي ورد عليه الكتاب أن يتبع رأي نفسه.

وإلى هذا الفرق أشار الخصاف رحمه الله في «أدب القاضي» ، فقال: لأن كتاب القاضي ليس بقضية، إنما هو بمنزلة الشهادة ولئن سلمنا أن كتاب القاضي قضاء إلا أنه ليس بقضاء من كل وجه بل هو قضاء من وجه دون وجه، فمن حيث إنه قضاء إن كان يجب على الثاني العمل به، فمن حيث إنه ليس بقضاء لا يجب فلا يجب العمل به على الثاني بالشك.

ولو أن رجلاً أورد على قاضٍ كتاباً من قاض بحق على رجل، وكان في الكتاب اسم المدعى عليه ونسبه وصناعته وفخذه، وفي تلك الصناعة أو في تلك الفخذ اثنان على ذلك الاسم والنسب لم يقبل القاضي الكتاب حتى يقيم البينة على المطلوب أنه هو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>