كتب فيه الكتاب؛ لأن التعريف لا يقع بهذا إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، وإن لم يكن في تلك القبيلة أو الصناعة اثنان على ذلك الاسم أنفذ القاضي الحكم عليه؛ لأنه وقع التعريف بهذا.
فإن قال: المطلوب في هذا الفخذ، أو في هذه التجارة رجل على هذا الاسم والنسب، فهذا على وجهين:
إن قال: أنا أقيم البينة أن في هذا الفخذ أو في هذه التجارة رجل على هذا الاسم والنسب تقبل هذه الشهادة وتندفع الخصومة؛ لأنه إذا كان فيه رجل آخر بهذا الاسم في الحال لا يتعين هو المطلوب.
وإن قال أنا أقيم البينة أنه كان في هذا الفخذ أو في هذه التجارة رجل على هذا الاسم والنسب وأنه مات لم أقبل ذلك منه إلا أن يكون موت فلان بعد تاريخ الكتاب وشهادة الشهود بالحق في كتاب القاضي الآن، وتندفع الخصومة؛ لأنه إذا كان فلان مات قبل تاريخ الكتاب تعين الباقي مطلوباً، وإذا مات فلان بعد تاريخ الكتاب لم يتعين فيبقى الاشتباه.k
وإن قال الخصم: أنا فلان بن فلان الفلاني وليس لهذا علي شيء لم أقبل ذلك منه ولم يكن في هذا حجة له؛ لأنه أقر أن المكتوب في الكتاب هو، فلا يكون جحوده الحق حجة له.
ولو قال: لي حجة، أني دفعت المال إليه أو أبرأني، وإني مخرج قبل القاضي منه، لأنه يدعي المخرج منه وإسقاط الحق فتقبل حجته على ذلك.
وإن قال الخصم لست بفلان بن فلان الفلاني والقاضي المكتوب إليه لا يعرفه، فعلى الرجل الذي يأتي بالكتاب أن يقيم البينة أنه فلان بن فلان بعينه؛ لأن القاضي لم يعرف المطلوب، فيحتاج المدعي إلى إقامة البينة على أنه بعينه حتى يتمكن القاضي من القضاء عليه، وإن كان الكتاب على ميت أحضر القاضي بعض ورثته وسمع من الشهود وقبل الكتاب؛ لأن بعض الورثة ينتصب خصماً فيما يدعى على الميت.
ولو أن هذا القاضي لم يأته بالكتاب من القاضي لكنه أتاه برسالة من القاضي مع رجل بمثل ما يكون في الكتاب، وأشهد على ذلك، لم يقبل القاضي هذه الرسالة. وفرق بين الرسالة والكتاب، والفرق من وجهين.
أحدهما: أن القياس يأبى الرسالة كما يأبى الكتاب لبعض ما ذكرنا من المعاني في الكتاب، لكن عرفنا جواز الكتاب بالأثر وبإجماع التابعين (٩٢أ٤) ولا أثر ولا إجماع في الرسالة فيعمل فيها بالقياس.
الفرق الثاني: أن الكتاب من القاضي الكاتب جعل كالخطاب بنفسه للقاضي المكتوب إليه، والكتاب وجد من موضع القضاء، فكان الخطاب موجوداً من موضع القضاء فيكون حجة، أما في الرسالة، الرسول ينقل خطاب المرسل في هذا الموضع، والمرسل في هذا الموضع ليس بقاض، وقول القاضي في غير موضع قضائه كقول واحد من الرعايا.