أو سرق في يد البائع وأراد تحليف البائع يحلف البائع على الثبات بالله ما سرق في يدك على ما عرف، وهذا تحليف على فعل الغير، قال الله تعالى إنما كان كذلك؛ لأن البائع التزم تسليم المعقود عليه سليماً عن العيوب، فالاستحلاف يرجع إلى ما ضمن بنفسه، فلذلك كان على الثبات.
وحكي عن الشيخ الإمام فخر الإسلام رحمه الله أنه كان يريد في هذا الأصل حرفاً كان يقول: التحليف على فعل نفسه على الثبات، والتحليف على فعل الغير يكون على العلم إلا إذا كان شيئاً يتصل يحلف على الثبات، خرج على هذا فصل الرد بالعيب؛ لأن ذلك مما يتصل به؛ لأن تسليم العبد سليماً واجب على البائع، وقد قيل بأن التحليف على فعل الغير إنما يكون على العلم إذا قال الذي استحلف: لا علم لي بذلك، فأما إذا قال: لي علم بذلك يحلف على الثبات.
ألا ترى أن المودع إذا قال: قبض صاحب الوديعة مني الوديعة، فإنه يحلف المودع على الثبات وألا ترى أن ما ذكر محمد رحمه الله في «الجامع» : إذا وكل الرجل رجلاً ببيع عبده بألف درهم فباعه وسلمه إلى المشتري ثم أقر البائع الوكيل أن الآمر قبض الثمن، وجحد الآمر فالقول قول الوكيل في ذلك: أن الآمر قد قبض مع يمينه، فإذا حلف برئ المشتري عن الثمن ويحلف الوكيل على الثبات بالله لقد قبض الآمر وهذا تحليف على فعل الغير، ولكن الوكيل يدعي أن له علماً بذلك، فإنه قال: قبض الموكل الثمن وما كان له علم بذلك فيحلف على الثبات لهذا.
وإن وقع الدعوى على فعل المدعى عليه من وجه وعلى فعل غيره من وجه بأن قال: اشتريت مني استأجرت مني استقرضت مني، فإن هذه الأفعال فعله وفعل غيره، فإنها تقوم باثنين يحلف على الثبات، وهذا مشكل؛ لأن اعتبار فعل الغير يوجب التحليف على العلم، إن كان اعتبار فعله يوجب التحليف على الثبات، إلا أنه يرجح جانب الثبات؛ لأنه يوجب زيادة زجر، لأنه متى حلف على الثبات وقد اشترى حنث في يمينه علم بالشراء أو لم يعلم، ومتى حلف على العلم وقد اشترى إن كان عالماً بالشراء حنث في يمينه، وإن لم يكن عالماً به لا يحنث فكان في هذا زيادة زجر، فكان الترجيح لجانب الثبات بعد هذه المسألة على وجوه:
أما إن ادعى المدعي ديناً أو ملكاً في عين أو حقاً وكل ذلك على وجهين: إما أن يدعيه مطلقاً ولم يذكر له سبباً أو ادعاه بناء على السبب، فإن ادعى ديناً ولم يذكر له سبباً يحلف على الحاصل فيحلف بالله ما لهذا عليك ولا قبلك هذا المال الذي ادعاه وهو كذا وكذا ولا شيء منه فقد جمع بين قوله: عليك وقبلك وإليه أشار محمد رحمه الله، وهكذا ذكر الخصاف رحمه الله في كتاب الصلح وإنما جمع بينهما؛ لأنه لو اقتصر على قوله: عليك إنما يتأول أنه ليس على رأسه أو عاتقه شيء، ولو اقتصر على قوله: قبلك عسى يتأول الأمانة؛ لأن قوله قبلك يستعمل في الأمانات كما