الجناية على الحر، فإن كانت الجناية على النفس وهي عمد. بأن ادعى رجل على رجل أنه قتل ابنه عمداً فالخصم هو المدعى عليه، ويحلف المدعى عليه على الحاصل هكذا ذكر الخصاف ولم يزد على هذا، وذكر في كتاب الاستحلاف أنه يستحلف على السبب، بعض مشايخنا قالوا: ما ذكر الخصاف جواب لظاهر الرواية، وما ذكر في كتاب الاستحلاف رواية أبي يوسف ولكن هذا ليس بصواب، فالمذكور في كتاب الاستحلاف:
وقال أصحابنا: اليمين في القصاص بالنفس بالله ما قتلت إباه الذي يدعى أنك قتلته، وبعض مشايخنا قالوا: ما ذكر الخصاف قول الكل، وما ذكر في الاستحلاف قول الكل أيضاً، فصار في القتل روايتان، فعلى ما ذكره الخصاف لا يحتاج إلى الفرق.
والفرق: أن قضيته الدليل أن يكون التحليف على الحاصل في القتل أيضاً؛ لأن في التحليف على السبب ضرر فالإنسان قد يقتل ولي غيره عمداً ولا يجب عليه القصاص بأن قتله لردته أو لدفع قصده قتله، أو ما أشبهه فلو حلف على السبب يمكنه الحلف على انتفاء السبب مع وجوده، ولا يمكنه أن يقر به فيدعي المانع من القصاص؛ لأنه عسى لا يمكنه إثبات ذلك كما فيما تقدم، ولكن تركنا الدليل في باب القتل بالنص، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم «حلف اليهود على القتل بالله ما قتلتموه ولا علمتم له قاتلاً» ولا نص فيما تقدم فيعمل فيها بقضية الدليل.
وعلى قياس ما روي عن أبي يوسف فيما تقدم: أن التحليف على السبب لا يحتاج أبو يوسف إلى الفرق بين القتل وفيما تقدم في كتاب الاستحلاف وعلى رواية «أدب القاضي» : يحتاج إلى الفرق، له: أن قضية القياس أن يكون التحليف على السبب في الفصول ليكون التحليف على موافقة الدعوى وما ذكروا من احتمال الضرر يمكن دفعه بالتعريض فأسقطنا اعتبار الاحتمال عمداً مكان الدفع، ليكون التحليف على موافقة الدعوى لكن أسقطنا اعتبار الاحتمال في باب النفس تعظيماً لأمر النفس؛ لأن الإنسان قد يفعل عن التعريض، وإذا فاتت النفس لا يخلفه شيء آخر ولا كذلك المال وفي كتاب «الأقضية» على قول أبي يوسف يحلف على السبب، وعن محمد روايتان.
وكان الحاكم الإمام أبو محمد الكوفي رحمه الله يقول: الصحيح أن يقال بأن على قول أبي حنيفة رحمه الله يحلف على السبب؛ لأنه لا ضرر على المدعى عليه في ذلك؛ لأنه وإن قتله وسقط القصاص ولم يجب بسبب من الأسباب، وامتنع عن الحلف على نفس الفعل لا يقضي عليه بشيء لا بالقصاص ولا بالدية، وعن محمد: يستحلف على الحاصل؛ لأن في التحليف على السبب ضرر بالمدعى عليه، فإنه متى امتنع عن الحلف يقضي عليه بنكوله عند محمد رحمه الله، ولكن بالدية ولكن هذا ليس بصحيح فإنه عند أبي حنيفة رحمه الله إن كان لا يقضى عليه بنكوله لا بالقصاص ولا بالدية ولكن يحبس حتى يحلف أو يقر وفيه ضرر.