للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا حلف على الحاصل يحلف بالله ما لهذا عليك دم وليه ولا له قبلك حق بسبب هذا الدم لجواز أنه عفى عنه على مال، أو كان الدم بين وليين عفى الآخر وانقلب الدم مالاً، فلو لم يذكر ولا له قبلك حق بسبب هذا الدم، يحلف ولا يحنث؛ لأنه لم يبق له عليه الدم، ثم إذا حلف على هذا الوجه، إن حلف برأ عن الخصومة، وإن نكل فعند أبي حنيفة رحمه الله يحبس حتى يقر أو يحلف وعندهما يقضي عليه بنكوله ولكن بالدية.

وإن كانت الجناية فيما دون النفس وكانت عمداً توجب القصاص، فعلى رواية «أدب القاضي» يحلف على الحاصل، وعلى رواية كتاب الاستحلاف يحلف على السبب، واختلف المشايخ فيه على نحو ما ذكرنا في النفس: قال الحاكم الإمام أبو محمد الكوفي رحمه الله: والصحيح أنه يستحلف في هذه الصورة على الحاصل عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأنه متى استحلف على السبب ونكل يقضى عليه بالقصاص عند أبي حنيفة رحمه الله وبالدية عند محمد.

وإن كان دعوى الجناية على النفس وهي خطأ أو على الطرف وهي خطأ نحو قطع اليد والموضحة وما أشبه ذلك مما تتحمله العاقلة. ذكر في «أدب القاضي» للخصاف وفي كتاب «الأقضية» : أنه يستحلف على السبب عند أبي يوسف ومحمد في كتاب الاستحلاف أنه يستحلف على السبب عند أصحابنا رحمهم الله؛ وهذا لأن في التحليف على الحاصل ضرراً للمدعي؛ لأن بين العلماء اختلافاً أن الدية تجب على القاتل ابتداء والعاقلة يتحملون عنه، أو تجب على العاقلة ابتداء والعاقلة يتحملون عنه، أو تجب على العاقلة ابتداء فمتى حلفناه على الحاصل بالله ما لهذا عليك هذا الحق الذي يدعي عليك من الوجه الذي يدعي يحلف، ويتأول قول من يقول: بأن الدية تجب على العاقلة ابتداء، فلا يحنث في يمينه فلا يفيد الاستحلاف، حتى قلنا: إذا كان موجب الجناية شيئاً لا تتحملها العاقلة بأن كان دون أرش الموضحة يحلف على الحاصل؛ لأنه لا يمكنه التأويل ها هنا، فإن قيل: يمكن التأويل على الحاصل على وجه لا يتضرر به المدعي بأن يحلف بالله ما لهذا عليك هذا الحق الذي يدعي ولا شيء منه، وعلى هذا الوجه لا يمكنه التأويل؛ لأن من يقول بوجوب الدية على العاقلة يقول بأن القاتل من جملة العاقلة، فيتأول قول هذا القائل، ومن العلماء من قال: يمكن دفع التأويل مع التحليف على الحاصل بأن يزاد في التحليف زيادة شيء آخر، فيحلف بالله ما لهذا عليك هذا الحق الذي يدعي من الوجه الذي يدعي، ولا شيء منه، ويسمى الأرش والدية ولا قبل عاقلته ولا شيء منه وهذا حسن وبه يندفع التأويل.

وكان الحاكم الإمام أبو محمد الكوفي رحمه الله يقول: الصحيح أنه يحلفه على الحاصل بالله ما لهذا قبلك مال بالسبب الذي يدعي، وكان راعى جانب المدعى عليه، والصحيح ما قلنا؛ لأن في كل نوع ضرر لأحد الجانبين فلا بد من رعاية أحد الجانبين، فنقول رعاية جانب المدعى عليه أولى؛ لأنه ليس بجان.

ولو أن رجلاً ادعى على رجل أنه اشترى داراً بجنب داري وأني شفيعها بداري، وأراد استحلافه، فالقاضي يحلفه على السبب بالله ما اشتريت هذه الدار التي سماها

<<  <  ج: ص:  >  >>