وحدودها كذا وكذا ولا شيء منها، وإنما حلفناه على السبب نظراً للمدعي؛ لأن بين العلماء اختلافاً ظاهراً أن الشفعة هل تستحق بالجوار، فإن حلف على الحاصل ربما يتأول قول من لا يرى الشفعة بالجوار، فلا يلزمه الجنب (٩٨ب٤) فيبطل حق المدعي أكثر ما في الباب: أن في التحليف على السبب ضرراً بالمدعى عليه، لجواز أن المدعي لم يطلب الشفعة أو طلبها ثم سلمها ويطلب شفعته، فلو حلف على السبب لا يمكنه أن يحلف المشتري ولو أقر بالشراء وادعى بطلان حقه بعد ذلك عسى لا يمكنه الإثبات بالبينة، فيتضرر به المدعى عليه إلا أن الترجيح لجانب المدعي؛ لأن الشراء سبب استحقاق الشفعة وسقوط الحق بعد وجود السبب إنما يكون لعارض المسقط، فيجب التمسك بالأصل حتى يقوم الدليل على خلافه.
وإن أقر المدعى عليه بالشراء والجوار، إلا أنه يقول: الشفيع لم يطلب الشفعة حين علم بالشراء وقال الشفيع: لا بل طلبت، فالقول قول الشفيع مع اليمين؛ وهذا لأن الشفيع إن كان مدعياً صورة؛ لأنه يدعي الطلب، والطلب عارض إلا أنه منكر معنى، فإن المشتري يدعي على الشفيع إبطال حقه في الشفعة بعد ما أقر له بثبوت حقه والشفيع منكر إذا كان القول قول الشفيع مع اليمين إذا طلب المشتري من القاضي يمين الشفيع، قال: القاضي يحلفه بالله، لقد طلبت شفعة هذه الدار حين بلغك شراؤها، وأشهدت على ذلك بحضرة أحد المتبايعين أو الدار، هكذا ذكر في كتاب الاستحلاف، ولكن هذا إنما يستقيم إذا ادعى المشتري أنه بلغه الشرى وهو بين ملأ من الناس، أما إذا لم يكن عنده من أشهده لم تبطل شفعته بترك الإشهاد للحال، فإذا أقر بذلك حلفه بالله لقد طلبت الشفعة حين علمت بالشراء، وخرجت إلى الشهود حين قدرت وطلبتها بحضرة أحد المتعاقدين أو الدار وأشهدت على ذلك.
وإذا ادعى الشفيع أنه بلغه الخبر ليلاً وأنه طلب الشفعة وأشهد عليها حين أصبح، حلفه القاضي بالله ما بلغك الخبر إلا في الوقت الذي تدعي، وقد طلبت الشفعة وأشهدت على ذلك حين أصبحت؛ لأن الإشهاد إنما يشترط على حسب الإمكان ولا يمكنه أن يطوف على الأبواب ليلاً للإشهاد والطلب، فكان الإمكان إذا أصبح.
وفي كتاب الاستحلاف قال محمد رحمه الله: إذا كان لرجل دار إلى جنب دار رجل فيصدق أحدهما على رجل بالحائط الذي يلي حائط جاره، وقبضه المتصدق عليه ثم اشترى المتصدق عليه ما بقي من الدار من المتصدق فليس للجار فيها شفعة؛ لأن صاحب الحائط أقرب جواراً من الجار الذي وراء الحائط، فإن طلب الجار الذي وراء الحائط يمين البائع والمشتري حلفه بالله ما باع الحائط ضراراً ولا فراراً من الشفعة على وجه التلجئة، وإبطال الشفعة حلفه القاضي على ذلك، يريد بهذا والله أعلم أن الجار الذي وراء الحائط ادعى، وقال: إن صدقة الحائط كانت تلجئة وقد بعت الكل وخاصم المشتري سواء كانت الدار في يده أو لم تكن؛ لأنه يدعي عليه معنى لو أقربه يلزمه، فإذا أنكر يستحلف عليه، فإن حلف لم يثبت تلجئة الحائط وانقطع خصومة الجار عن