المتصدق عليه والمشتري، وإن نكل ثبت تلجئة الصدقة في الحائط فكان للجار الشفعة.
قال في كتاب الاستحلاف أيضاً: إذا وكل الرجل رجلاً بطلب شفعته فادعى المشتري على الوكيل أن موكله قد سلم الشفعة وطلب من القاضي أن يحلف الوكيل، فالقاضي لا يحلفه؛ لأن الوكيل لو حلف حلف بطريق النيابة عن الموكل؛ لأن الشفيع لا يدعي التسليم على الوكيل، إنما يدعيه على الموكل، والاستحلاف لا يجري فيه النيابة؛ وهذا لأن اليمين شرعت بدل حق المدعي بالنص بخلاف القياس؛ لأنه لا مماثلة بين أصل حقه وبين اليمين وما عرف شرعاً بخلاف القياس يراعى لصحة جميع ما ورد به الشرع، والشرع جعلها بدل حقه إذا كان المدعى قبله أصلاً في الحلف، فبينما إذا كان المدعي قبله ثانياً يبقى على حاصل القياس.
ونظير هذه المسألة: ما قالوا في الوكيل بقبض الدين إذا أراد أن يقبض الدين من الغريم أن موكله أبرأني عن هذا الدين أو أدى دينه إليه، وأنكر الوكيل ذلك فطلب الغريم من القاضي أن يحلف الوكيل بالله ما يعلم ذلك من موكلك، فإنه لا يمين على الوكيل ويقول القاضي للغريم: أد الدين إلى الوكيل وأنت على خصومتك مع الموكل، والمعنى ما ذكرنا، هذا إذا ادعى المشتري تسليم الموكل، وإن ادعى تسليم الوكيل، إن ادعي تسليمه في غير مجلس الحكم: لا يحلف الوكيل، وإن كان لو استحلف استحلف بطريق الأصالة؛ لأن المشتري ادعى تسليم الوكيل إلا أنه ادعى عليه معنى لو أقر به لا يلزمه؛ لأن تسليم الوكيل الشفعة في غير مجلس الحكم لا يصح بالإجماع وإذا أقر فإنما أقر بما ليس بصحيح شرعاً فلا يلزمه، وكل من ادعى على آخر معنى لو أقر به لا يلزمه، فإذا أنكر لا يستحلف عليه، وإن ادعى تسليمه في مجلس الحكم، وأنكر الوكيل، فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله: يستحلف؛ لأن تسليمه في مجلس الحكم صحيح عندهما، فإنما ادعى عليه معنى لو أقر به يلزمه فيستحلف عند الإنكار وعند محمد: لا يستحلف، لأن تسليمه في مجلس الحكم غير صحيح أيضاً عند محمد رحمه الله فإنما المدعى عليه معنى لو أقر به لا يلزمه فلا يستحلف عند الإنكار.
والمجبرة تختار البلوغ في حق اختيارها نفسها بمنزلة الشفيع في طلب الشفعة، فإنها كما بلغت بالحيض أو بالسن، ينبغي لها أن تختار نفسها كما أن الشفيع إذا بلغه الخبر ينبغي أن يطلب الشفعة، وأشهدت على اختيارها نفسها إن كان عندها من يمكن إشهاده وتقبل شهادته، وإن لم يكن عندها من يمكن إشهاده تخرج إلى الناس واختارت نائباً وأشهدت، وإن الجر في بيتها حتى خرجت إلى الناس بطل اختيارها، والإشهاد ليس بشرط لاختيارها نفسها، لكن شرط الإشهاد حتى يثبت اختيارها نفسها نظير استحلاف الشفيع على طلب الشفعة، فإن قالت للقاضي: قد اخترت نفسي حين بلغت، أو قالت حين بلغت طلبت القرفة قبل قولها مع اليمين، وإذا قالت: بلغت أمس وطلبت الفرقة، لا يقبل قولها وتحتاج إلى إقامة البينة، والجواب في الشفعة هكذا.
إذا قال الشفيع: طلبت حين علمت فالقول قوله ولو قال: علمت أمس وطلبت،