كلف إقامة البينة ولا يقبل قوله ذكر المسألتين على هذا الوجه في كتاب الاستحلاف قيل أنهما من خصائص كتاب الاستحلاف، وإنما جاء الفرق باعتبار أنهما إذا أضافا الطلب والاختيار إلى وقت ماض، فقد حكما ما لا يملكان استئنافه للحال، ومن حكى ما لا يملك استئنافه لا يصدق فيما حكى من غير بينة، وإذا لم يضيفا الاختيار والطلب إلى وقت ماض، بل أطلقا الكلام إطلاقاً فقد حكيا ما يملكان استئنافه للحال، لأنما يجعل في الجارية كأنها بلغت الآن واختارت نفسها الآن والشفيع علم بالشراء الآن وطلب الشفعة الآن، فلهذا جعل القول قولهما إذا أطلقا.
وإذا ادعت المرأة على زوجها أنه آلى منها ومضت أربعة أشهر ولم يفىء إليها، وإنها بانت منه وأنكر الزوج الإيلاء، فالقاضي لا يحلف الزوج علي الحاصل بالله ما هي بائنة منك اليوم، وهذا لأن بين العلماء اختلافاً ظاهراً أن تمضي مدة الإيلاء هل تقع الفرقة؟ بعضهم قالوا: لا تقع ويقال للزوج إما أن تفيء إليها أو يفرق القاضي بينكما، فلو حلفناه على الحاصل يؤول قول هذا القائل، ويكون صادقاً في يمينه فلا يلزمه حكم الحنث، وتتضرر به المرأة فيحلف على السبب: بالله ما قلت لها: والله لا أقربك أربعة أشهر على ما ادعت دفعاً للضرر عن المرأة، أكثر ما في الباب، أن في التحليف على السبب ضرراً للزوج فإنه قد (٩٩أ٤) يفيء إليها ولا تقع الفرقة بمضي المدة بأن يفيء إليها في المدة، إلا أن الترجيح لجانب المرأة، لأن الإيلاء إذا وجد تصير الفرقة مستحقة نظراً إلى السبب وهو الإيلاء، فامتناع الفرقة بعد ذلك يكون بعارض أمر ولا يعتبر بالعوارض، فإن أقر الزوج بالإيلاء وادعى أنه فاء إليها في المدة، وأنكرت هي الفيء في المدة فالقول قولها مع اليمين؛ لأنها تنكر ثبوت ملك الزوج عليها بعد وجود سبب البينونة، وتحلف على الحاصل عند محمد رحمه الله، فتحلف بالله لست بامرأة له اليوم بالسبب الذي يدعي ولا تحلف بالله لم يفىء إليك قبل مضي الأربعة الأشهر؛ وهذا لأنه يجوز أنه آلى منها ولم يفىء إليها حتى مضت أربعة أشهر وبانت منه ثم تزوجها ثم آلى منها وفاء إليها في المدة، فمتى استحلف بالله لم يفىء إليك قبل مضي الأربعة الأشهر يحلف ويتأول عدم الفيء في النكاح الأول، فيبطل حق الزوج فيستحلف على الحاصل لهذا.
وفي كتاب الاستحلاف قال بشر: سمعت أبا يوسف قال: يستحلف بالله أنه لم يفىء إليك قبل مضي الأربعة الأشهر، قال بشر: والأحوط على قوله: أن يزاد في اليمين فيحلف بالله لم يفىء إليك في الأربعة الأشهر في النكاح الذي يدعيه الزوج حتى لا يتأتى المعنى الذي قلنا لمحمد رحمه الله.
ولو أن امرأة ادعت على زوجها نفقة العدة وأنكر الزوج فالقاضي لا يحلف الزوج بالله ما عليك تسليم النفقة إليها من الوجه الذي يدعي؛ لأن الشافعي رحمه الله: لا يرى النفقة للبينونة، فلو حلفناه على الحاصل يتأول قول الشافعي رحمه الله، فيحلف على السبب بالله ما هي معتدة عنك من الوجه الذي تدعي.