ذلك لا يجوز؛ لأن هذا بيع الحق وبيع الحق لا يجوز، وكذلك لو أجر لا يجوز؛ لأن إجارة رأس الحائط لوضع الخشبة عليه، وإجارة الأرض لإلقاء الميتة أو التراب فيها لا يجوز عرف ذلك في كتاب الإجارات، وكذلك لو صالح عليه لا يجوز؛ لأن الصلح على مال ليضع الخشبة على رأس الحائط وما أشبه ذلك بمنزلة الإجارة والإجارة لا تجوز، فكذا الصلح دل أنه ليس في التحليف على السبب ضرر للمدعى عليه، فيحلف على السبب جرياً على موجب الدعوى.
ولو كان صاحب الخشبة هو المدعي وقدم صاحب الحائط إلى القاضي، وقال: كان لي على هذا الحائط خشبة فوقع أو قال قلعتها لأعمل غيرها، وقد منعني صاحب الحائط وهو حق لي في هذا الحائط، وأنكر صاحب الحائط دعواه، فطلب صاحب الخشبة من القاضي أن يحلف المدعى عليه ولا يقول: بأن القاضي يأمر المدعي بتصحيح دعواه، وذلك أن يبين أن له حق وضع خشبة أو خشبتين أو ما أشبه ذلك، ويبين موضع الخشبة ويبين غلظ الخشبة؛ لأن الدعوى لا تصح إلا بعد بيان المدعى به، وبيانه في هذه الصورة ببيان ما ذكرنا، ثم إذا بين هذه الأشياء حتى صح دعواه وطلب من القاضي أن يحلفه، فالقاضي يحلفه؛ لأن هذا حق لازم قد يكون الحائط مملوك الإنسان ولغيره حق وضع الخشب عليه، ثم يحلف بالله ما لهذا المدعي في هذا الحائط حق وضع خشبة كذا وكذا ولا يحلفه بالله ما كان له عليه خشبة، أو بالله ما طرحت الخشبة لجواز أنه كان، إلا أنه لم يكن بحق وجواز أنه طرح الخشبة ولم يكن له حق وضع الخشبة فلا يمكنه أن يحلف على ذلك، ولكن يحلف على نحو ما بينا، فإن حلف انقطعت الخصومة، وإن نكل صار مقراً بما ادعى فيلزمه دعواه.
قال: ولو ادعى مسيل ماء في أرض رجل، فالقاضي يأمره أن يصحح دعواه وتصحيح الدعوى في أن يبين أن له مسيل ماء المطر أو ماء الوضوء، فإن هذا مما يتفاوت، فإن المطر لا يكون أدوم ويكون أكثر، وماء الوضوء والغسالات يكون أدوم، ويكون أقل وينبغي أن يبين موضع مسيل الماء في مقدم البيت أو في مؤخره.
وكذلك إذا ادعى طريقاً في دار رجل فالقاضي يأمره أن يصحح دعواه، وتصحيح الدعوى أن يبين مقدار عرضه وطوله، يبين موضعه من الدار، فإذا بين ذلك وصحح دعواه حلفه على الحاصل بالله: ما لهذا هذا الحق الذي ادعاه في هذه الأرض الذي في يديك أو في هذه الدار التي في يدك.
وذكر في كتاب الدعوى: إذا ادعى مسيل ماء في دار رجل، أو ادعى طريقاً في دار رجل وشهد الشهود أن له مسيل ماء في هذه الدار أو طريقاً في هذه الدار وقع في بعض النسخ أنه يقبل البينة، وإن لم يبينوا ووقع في بعض النسخ أنه لا يقبل البينة ما لم يبينوا. قال شمس الأئمة الحلواني: تأويل ما وقع في بعض النسخ أنه يقبل البينة إذا شهدوا على إقرار صاحب الدار؛ لأن جهالة المقر به لا يمنع صحة الإقرار، وتأويل ما وقع في بعض النسخ أنه لا يقبل البينة إذا شهدوا على نفس الطريق وعلى