للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفس المسيل لا على إقرار المدعى عليه.

قال: ولو ادعى على رجل أنه شق في أرضه نهراً وساق الماء فيه إلى أرضه أمره أن يصحح دعواه وذلك بأن يبين الأرض الذي شق فيها النهر، ويبين قدر طول النهر وعرضه، فإذا بين ذلك وصحح دعواه وجحد المدعى عليه دعواه حلفه القاضي على (٩٩ب٤) السبب بالله ما أخذ من أرض هذا الرجل هذا النهر الذي وصف ولا يحلف على الحاصل؛ لأنه ليس في التحليف على السبب ضرر للمدعى عليه؛ لأنه إذا ثبت لا يسقط حق صاحب الأرض في مطالبة حافر النهر بسبب من الأسباب من الإذن في الابتداء والبيع والإجارة وغير ذلك، فإنه لو أذن له في الابتداء كان إعارة، فكان له أن يطالبه بذلك متى بدا له ذلك، ولا يجوز بيع ذلك؛ لأنه بيع الحق وبيع الحق لا يجوز، ولا تجوز الإجارة، ولا ضرر للمدعى عليه في التحليف على السبب ليكون التحليف على وفق الدعوى.

ولو ادعى رجل على رجل أنه حفر حفيرة في أرض له أضر ذلك بأرضه وأراد استحلافه على ذلك، فيقول: لا بد من معرفة حكم هذه المسألة أولاً، فعند علمائنا رحمهم الله: يلزم الحافر النقصان، فيحلفه على الحاصل بالله ماله عليك هذا الحق الذي يدعي من الوجه الذي يدعي، لا يحلفه على السبب بالله ما فعلت كذا؛ لأن في التحليف على السبب ضرر للمدعى عليه لجواز أنه فعل ذلك، إلا أن صاحب الأرض أبرأه عن النقصان أو الفاعل أَوْفاه ضمان النقصان مرة، ولا ضرر للمدعي في التحليف على الحاصل فيحلف على الحاصل.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: من العلماء من قال من حفر حفرة في أرض غيره لا يضمن النقصان ولكن يؤمر بكبس الحفيرة، فلو حلفناه على الحاصل، ربما يؤول قول هذا القائل، ثم قوله في الكتاب: أضر ذلك بأرضه، إشارة إلى أنه لو لم يضر ذلك بأرضه أنه لا شيء عليه، فاعلم بأن من رفع التراب من أرض إنسان وكان ذلك في موضع للتراب قيمة فيه، ضمن فيه التراب، سواء تمكن النقصان في الأرض أو لم يتمكن؛ لأن الأرض بجميع أجزائها مملوكة، ومن أخذ ملك غيره يضمن قيمته.

وقد روي عن محمد رحمه الله: أنه إذا أدخل الماء في أرض رجل واجتمع الطين في أرضه بذلك لا يكون لأحد أن يأخذ ذلك الطين ويرفعه عن أرضه، لأنه صار مملوكه تبعاً لأرضه فهذا كذلك على أن الأرض مملوكة بجميع أجزائها وهذا بخلاف ما لو دخل صيد في ملكه كان لكل أحد أن يأخذه؛ لأنه لم يصر مملوكاً لصاحب الأرض تبعاً لأرضه، وكذلك إذا دخل في أرض لرجل ودخل معه السمك كان لكل أحد أن يأخذ السمك؛ لأنه لم يصر ملكاً له تبعاً لأرضه بخلاف الطين على ما بينا، هذا إذا أخذ التراب من أرض الغير وله قيمة في ذلك الموضع، فأما إذا لم يكن قيمة له في ذلك الموضع ينظر إن تمكن النقصان في الأرض بذلك الصنع، ضمن النقصان وما لا فلا، إذا عرفت حكم المسألة فنقول: إذا كان للتراب قيمة في ذلك الموضع يحلف المدعى عليه وما لا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>