للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتصب الذي أحضر خصماً عن الناس كافة، وصار إقامة البينة عليه كإقامة البينة على الكل، ولو أقام على الكل ثم غاب واحد منهم أليس أنه يقضي بها على الحاضر كذا ها هنا.

واعتبره في «الكتاب» بينة فإن قامت على الوكيل، فغاب الوكيل أو قامت على المورث حال حياته، فمات وحضر الوارث أو قامت على وارث فغاب هذا الوارث وحضر وارث آخر، فإن في هذه الفصول يقضي بتلك البينة على الذي حضر ثانياً، والمعنى ما ذكرنا في «الزيادات» أيضاً.

وإذا أقام بينة على رجل أن فلاناً وكله بالخصومة وطلب ماله من الحق عليه، فلم تظهر عدالة الشهود حتى أقام الوكيل بينة على رجل بحق للموكل. القياس: أن لا يقبل بينته، وفي الاستحسان: يقبل وهكذا القياس والاستحسان إنما يتأتى على قول أبي يوسف رحمه الله إن كان الخلاف فيما إذا أقام البينة على الوكالة والمال جملة، بين أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: أما لا يتأتى على قول أبي حنيفة رحمه الله وقد مر الكلام فيه، فبعد ذلك المسألة على وجوه: إن زكيت البينتان قضى بالأمرين، ولكن على الترتيب الذي شهد به الشهود يقضي بالوكالة أولاً، ثم بالمال، وإن زكيت بينة الوكالة ولم تزك بينة الحق يقضي بالوكالة، ويؤمر إعادة البينة على الحق له، فإن لم تزك بينة الحق صار كأنه لم يقمها، وإن زكيت بينة الحق ولم تزك بينة الوكالة، لم يقض بالحق، لأنه لما لم تزك بينة الوكالة ظهر أن بينة الحق قامت على غير خصم.

ولو أن رجلاً قدم رجلاً إلى القاضي وقال: إن أبي فلان مات ولم يترك وارثاً غيري وله على هذا كذا كذا من المال، فاعلم بأن هذه المسألة على وجهين.

أحدهما: يدعي ديناً على نحو ما بيننا أو يدعي عيناً في يده أنه كان لأبيه عليه هذا من أبيه، أو أودعه إياه أبوه أولاً تعرض لشيء فذكر أنه لأبيه، مات أبوه وترك ميراثاً له لا وارث له غيره، فإن القاضي يسأل المدعى عليه عن ذلك، فإن أقر بجميع ما ادعى المدعي صح إقراره وأمر بتسليم الدين والعين إليه، أما صحة إقراره بالدين، فلما ذكرنا في فصل الوكالة، وأما صحة الإقرار بالعين بخلاف مسألة الوكيل.

والفرق أن العين الذي في يديه صار ملكاً للذي حضر بسبب الوراثة في زعم صاحب اليد، فإنه زعم أنه وارث الميت، وإنما أقر له بحق القبض في ملكه فيؤمر بالتسليم إليه ولا كذلك، فصل الوكيل هذا أقر بذلك، فأما إذا أنكر ذلك كله، فإن أقام المدعي بينة على ما ادعى قبلت بينته، وأمر المدعى عليه بتسليم الدين والعين جميعاً؛ لأنه أثبت بالحجة موت فلان ووراثة نصيبه، وكون المدعي به متروك فلان ومتروك الإنسان يصرف إلى ورثته، وينبغي أن يقيم البينة أولاً على الموت والنسب حتى يعتبر، ثم يقيم البينة على المال، ولو أقام البينة على الموت والنسب والمال فهو على الخلاف على ما ذكرنا في فصل الوكالة.

إذا أقام مدعي الوكالة البينة على الوكالة والمال جملة، وإن لم يكن للمدعي بينة

<<  <  ج: ص:  >  >>