وأراد أن يحلف المدعى عليه على ما ادعى ذكر الخصاف أنه روي عن بعض أصحابنا أنه لا يحلف، قال الخصاف: وفيها قول آخر أنه يحلف ولم يبين القائل.
بعض مشايخنا قالوا: الأول: قول أبي حنيفة، والثاني: قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله بناء على مسألة «الجامع الكبير» : على ما مر فإن قيام العيب بالمشترى للحال شرط سماع الخصومة كما أن موت المورث يعد، وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي، فهو جعل مسألة الوارث نظير مسألة الوكيل على ما مر.
وقال الشيخ الإمام علي الرازي والشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمهما الله: القول الثاني أنه يحلف قول الكل أيضاً قالا: وهو الصحيح، فهما جعلا هذه المسألة نظير مسألة الوكالة أيضاً، وذكر في موضع آخر أن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول أولاً لا يستحلف ثم رجع وقال يستحلف، فعلى ما ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أن مسألة الوكالة على الخلاف يحتاج إلى الفرق لأبي حنيفة بين مسألة الوكالة وبين مسألة الوراثة على قوله الآخر، على ما ذكره في بعض المواضع.
والفرق أن الوارث يدعي العين والدين فينتصب خصماً في الاستحلاف؛ لأن الاستحلاف في دعوى الإنسان لنفسه حقه، والإنسان ينتصب خصماً في حقوقه، وأما في مسألة الوكالة فقد أقر بالحق للغائب فلا ينتصب خصماً إلا بعد إثبات الوكالة والنيابة عنه، ولم يثبت عنه بعد فلا يكون له حق الاستحلاف، ثم إذا استحلف يستحلف على حاصل الدعوى، وإنه جواب ظاهر الرواية على ما ذكرنا.
وإن أقام المدعي بينة على النسب والموت يثبت كون المدعي خصماً له فيحلف بدعواه كما في سائر الدعاوى، وإن أقام البينة على المال دون الموت والنسب لا تقبل بينته، لأنه إنما ينتصب خصماً في المال بواسطة النسب دون الموت والمال لا تقبل بينته لما قلنا، ثم إذا أقر بدعوى المدعي كله وأمر بتسليم الدين والعين إلى المدعي لا يكون هذا على الأب حتى لو ظهر الابن حياً كان له أن يبيع المدعى عليه بحقه، والمدعى عليه يبيع الابن، وإنما كان كذلك؛ لأن بالإرث لا يتجدد الملك بل يتقرر الملك الذي كان للمورث؛ لأن الوارث يخلف المورث في ملاكه، فكان هذا تقرير ملك الموت، ولا يتصور أن يكون قضاء عليه، ولو أقر بالوراثة والموت وأنكر المال يحلف على المال؛ لأنه يثبت كونه خصماً بإقراره بالموت والوراثة، فالدعوى صدر من الخصم فيحلف كما في سائر الدعاوى.
ولو أقر بالمال وأنكر النسب والموت لا يحلف؛ لأنه إنما ينتصب خصماً بواسطة ثبوت النسب والموت، ولم يثبت بعد، واليمين لا يتوجه إلا بعد دعوى صحيحة من الخصم، وهذا الجواب قول أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكر شمس الأئمة السرخسي أو على قول أبي حنيفة أو على ما ذكر في بعض المواضع.
أما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله على ما ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله. أو قول أبي حنيفة إجراءٌ على ما ذكره في بعض المواضع ينبغي أن يحلف، ولكن يحلف على العلم؛ لأن هذا