للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحليف لا على فعل نفسه، والتحليف لا، فعلى فعل نفسه يكون على العلم.

المحيط البرهانى

قال: لو أن رجلاً قدم رجلاً إلى القاضي، وقال: إن أب هذا قد مات ولي عليه ألف درهم دين، فإنه ينبغي للقاضي أن يسأل المدعى عليه أولاً أنه هل مات أبوه، ولا يأمره بجواب دعوى المدعي أولاً، وهذا لأن الجواب إنما يتوجه على الخصم، وإنما ينتصب الابن خصماً إذا مات الأب، فبعد ذلك المسألة على وجهين:

أما إن أقر الابن، فقال: نعم مات أبي أو أنكر موت الأب، فإن أقر وقال: نعم مات أبي سأله القاضي عن دعوى الرجل على أبيه؛ لأنه صار خصماً والجواب يتوجه على الخصم، فإن أقر له بالدين على أبيه استوفى الدين من نصيبه لإقراره على نفسه بذلك.

وإن أنكر فأقام المدعي بينة على ذلك قبلت بينته وقضى بالدين ويستوفي الدين من جميع التركة لا من نصيب هذا الوارث خاصة؛ وهذا لأن أحد الورثة ينتصب خصماً عن جميع الورثة فيما يدعى على الميت، فصارت البينة القائمة على هذا الوارث بمنزلة البينة على سائر الورثة، وعلى الميت لو كان حياً، فيثبت الدين بهذه البينة في جميع التركة بخلاف الإقرار.

ثم إنما يقضي القاضي بالدين في تركة الميت بهذه البينة بعد ما يستحلف المدعي على القبض والإبراء، وإن لم يدع الوارث ذلك؛ لأن القاضي نصب ناظراً لكل من عجز عن النظر بنفسه وهذه الدعوى في الحقيقة على الميت وهو عاجز عن النظر لنفسه، فينظر له القاضي باستحلاف المدعي بخلاف ما إذا وقع الدعوى على الحي؛ لأن الحي قادر على الدعوى فلا يستحلف بدون دعواه، بخلاف الميت. هكذا ذكر الخصاف في «أدب القاضي» .

وذكر في «أدب القاضي» : من «أجناس الناطفي» في الجنس الرابع أن من ادعى ديناً في تركة الميت، وأقام بينة على ذلك، فالقاضي لا يحلفه على الاستيفاء عند أبي حنيفة ما لم يدع ذلك أحد الورثة وعلى (١٠٣ب٤) قول أبي يوسف ومحمد يحلف فيما ذكر الخصاف قولهما، وهو اختيار الخصاف، ثم إذا أراد استحلافه يستحلفه بالله ما قبضت ولا شيئاً منه، ولا ارتهنت به منه رهناً ولا شيء منه، ولا احتلت به على أحد ولا لشيء منه، ولا يعلم رسولاً أو وكيلاً لك قبض هذا المال ولا شيء منه، وإن ذكر مع ذلك ولا وصل إليك بوجه من الوجوه كان أحوط.

وروى الحسن بن زياد رحمه الله أنه قال: يستحلف بالله أنك تأخذه بحق؛ لأن في الأسباب المسقطة للدين كثيرة فلا يمكن حصرها، فيحلف على هذا الوجه، وإن لم يكن للمدعي بينة، وأراد استحلاف هذا الوارث، يستحلف على العلم عند علمائنا رحمهم الله بالله ما يعلم أن لهذا على أبيك هذا المال الذي ادعى وهو ألف درهم ولا شيئاً منه، فإن حلف انتهى الأمر، وإن نكل يستوفي الدين من نصيبه، فإن كان هذا الوارث المدعى عليه أقر بالدين على الأب وأنكر، فلما حلف نكل حتى صار مقراً بالدين، إلا أنه قال: لم

<<  <  ج: ص:  >  >>