للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصل إلي شيء من تركة الأب، فإن صدقه المدعي في ذلك فلا شيء له؛ وهذا لأن الدين كان في ذمة المورث وبالموت يتحول إلى التركة فيوفى من تركته، فإذا لم يصل إلى هذا الابن شيء أو أخذناه ليوفي دين الأب من مال نفسه، وهذا مما لا وجه له ولا سبيل إليه.

وإن كذبه وقال: لا بل وصل إليه ألف درهم أو أكثر وأراد أن يحلفه، يحلفه على الثبات بالله ما وصل إليك من مال أبيك هذا الألف ولا شيء منه، لأنه يحلف على فعل نفسه والتحليف على فعل نفسه يكون على الثبات لما مر.

فإن نكل لزمه القضاء؛ لأنه ثبت وصول التركة إليه، والدين في التركة يقدم على الميراث، وإن حلف لا شيء عليه، هذا إذا حلف المدعي على الدين أولاً ثم حلفه على الوصول، فلو أن المدعي من الابتداء حين أراد أن يحلف هذا الوارث على الدين قال له الوارث: ليس لك علي يمين، فإنه لم يصل إلي من تركة الأب شيء، وكذبه المدعي وقال: لا بل وصل إليك من تركة الأب كذا وكذا أو صدقه في ذلك، إلا أنه مع هذا أراد استحلافه على الدين، فالقاضي لا يلتفت إلى قول الوارث ويحلفه على الدين؛ لأن الحاجة إلى إثبات الدين وفي إثبات الدين لا عبرة لوصول شيء من التركة إلى يده، وإنما العبرة الفائدة وفي إثبات الدين فائدة، فإنه إذا ثبت الدين بأن نكل عن اليمين حتى صار مقراً به لو ظهر للميت وديعة أو بضاعة عند إنسان يستوفي الدين منها من غير أن يحتاج إلى الإثبات، فكان فيه فائدة، فيحلف لهذه الفائدة وإن كانت منتظرة.

ألا ترى أن هذا العبد المحجور يستحلف وإنما يستحلف لاستيفاء الدين بعد العتق، وإنه فائدة منتظرة كذا هاهنا، وإن أنكر الابن الدين ووصول شيء من التركة إلى يده وكذبه المدعي في ذلك كله، وأراد استحلافه على الدين والوصول جميعاً لم يذكر الخصاف رحمه الله هذا الفصل في «الكتاب» .

وقد اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا: يحلف يميناً واحدة بالله ما وصل إليك ألف درهم ولا شيء منه من تركة أبيك، ولا يعلم أن لهذا الرجل على أبيك دين من الوجه الذي ادعى، فقد جمع بين اليمين على الثبات وبين اليمين على العلم أنه جائز كما في حديث القسامة وعامتهم على أنه يحلف مرتين، لأنه إنما يجوز الجمع بين اليمينين إذا كانا من جنس واحد، وإن كانا من جنسين لكن سببهما واحد، ولا مجانسة بين اليمين على العلم وبين اليمين على الثبات، والسبب مختلف ها هنا أيضاً؛ لأن سبب الوجوب المداينة السابقة وسبب الاستيفاء من الوارث وصول التركة إليه، فلا يجمع بينهما بل يحلف مرتين مرة على الوصول على الثبات ومرة على الدين على العلم، بخلاف القسامة؛ لأن السبب هناك متحد وهو القتل هذا الذي ذكرنا، إذا أقر بموت الأب.

وأما إذا أنكر موت الأب ووصول التركة إليه وأراد الغريم استحلافه وقع هذه المسألة في بعض نسخ هذا الكتاب، وأجاب فيها أنه يحلف على الوصول والموت يميناً واحداً، لكن على الموت على العلم وعلى الوصول على الثبات بالله ما تعلم أن أباك مات، ولا وصل إليك شيء من ميراثه، وبه أخذ أولئك المشايخ وعامة المشايخ على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>