للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحلف مرتين مرة على الموت على العلم، ومرة على الوصول على الثبات، فإن نكل حتى ثبت الموت وثبت وصول الميراث إليه، يحلف على الدين على علمه لما مر.

فلو أنه أقر بالدين والموت، وإن هذه الألف تركة إلا أنه أحضر جماعة وقال: هؤلاء إخوتي، فهذه المسألة على وجوه: إما إن بدأ وقال: هذه الألف تركة ثم قال: هؤلاء إخوتي، وفي هذا الوجه يؤمر بتسليم الألف إلى رب الدين؛ لأنه بإقراره أولاً صار الألف مستحقاً لرب الدين؛ لأن الدين متعلق بالتركة بعد الموت، فلا يصح إقراره بالإخوة بعد ذلك فيما يرجع إلى إبطال الاستحقاق الثابت له، وإن بدأ بالإقرار بالإخوة ثم بالتركة والدين، فقد أقر لهم بالشركة معه في التركة فصارت التركة مقسومة بينهم بالحصص، فإذا أقر بالدين والتركة بعد ذلك، فإنما يعمل إقراره في حقه فيسبق في الدين من نصيبه خاصة.

قال: ولو أن رجلاً مات فادعى وارثه على رجل أنه كان لأبيه عليه ألف درهم دين وصار ميراثاً له، وأقر المدعى عليه بالموت وأنكر الدين، فأراد الوارث أن يحلفه، حلفه بالله ما كان لأبي عليك ألف درهم ولا شيء منه من الوجه الذي ادعى، وعلى قول شريح رضي الله عنه يحلف الوارث أولاً على الثبات بالله ما قبض الأب منه شيئاً، هو يقول: بأن الدين إنما ينتقل إلى الابن إذا لم يقبضه الأب منه، أما إذا قبض فلا.

وإنا نقول: إذا ثبت الدين للأب على المديون يبقى إلى أن يوجد المسقط والقبض مسقط، وأنه ليس بمعلوم فيبقى الدين يقبضه الأصل، ألا ترى أن في حالة الحياة الأب يحلف المدعى عليه على الدين، ولا يحلف الأب بالله ما قبض المال وطريقه ما قلنا، وكذلك إذا أقام الابن بينة على الدين لا يحلف الابن على قبض الأب عندنا، خلافاً لشريح على ما بينا، وإن أقر المديون بالدين وادعى أن الأب قد قبض منه الدين أو عرض المديون، فقال: قد يكون على الإنسان دين ثم لا يقضي باعتبار أن صاحب الدين يقبض ذلك، وأنا لا أحب أن أقر بشيء مخافة أن يلزمني، وأراد استحلافه فيحلف الابن حينئذ على العلم بالله ما يعلم أن أباه قد قبض هذا المال، أما إذا ادعى المدعى عليه القبض فلأنه انقلب مدعياً والمدعي انقلب مدعى عليه، وأما إذا عرض المدعى عليه، فلأنه طلب من القاضي أن ينظر له، فينظر له.

قال في «الزيادات» : رجل مات، فجاء رجل وادعى أنه وارث الميت، لا وارث له غيره، وإن قاضي بلد كذا قضى بكونه وارث الميت، وجاء شاهدين شهدا أن قاضي بلد كذا أشهدنا على قضائه أن هذا وارث فلان الميت لا وارث له غيره، وقال الشهود: لا ندري بأي سبب قضى، فإن القاضي الثاني يجعله وارثاً؛ وهذا لأنه ثبت بالبينة قضاء القاضي الأول بوراثته، وقضاء القاضي إذا ثبت يحمل على الصحة وعلى موافقة الشرع، وذلك ها هنا في أن يحمل على أنه استقضى في سبب وراثته على الميت، ولم يقدم على القضاء إلا بعدما علم بالحجة سبب وراثته، وينبغي للقاضي الثاني أن يسأل المدعي ما نسبه عن الميت، وهذا السؤال ليس بشرط لتنفيذ القضاء حتى لو لم يبين المدعي شيئاً نفذ

<<  <  ج: ص:  >  >>