للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبوته، وجعل الميراث له، ثم جاء آخر وأقام بينة أنه أب الميت، فالقاضي لا يقبل بينته ولا يدخل مع الأول، ولو جاز أن يكون واحد منهما أباً، لدخل الثاني مع الأول كما في الأبناء مع البنات.

قال في «الكتاب» : ولو أن القاضي الثاني حين قضى بالميراث الثاني قال الأول: أنا أقيم بينة عندك أني أب الميت لا يلتفت إليه، لأن تقدم الحكم للثاني بالأبوة يمنع دعوة الأول الأبوة والقضاء له بها، وإن أقام الأول بينة على أن القاضي الأول قضى بأبوته، جعل القاضي الثاني الميراث للأول إذ تبين أنه تقدم الحكم للأول بالأبوة وأنه يمنع الحكم للثاني بالأبوة.

ولو أن القاضي لم يقض بأبوة الثاني حتى أقام الأول بينة على أبوته قضى القاضي بالميراث بينهما لاستوائهما في الدعوى والحجة.

والجواب في ولاء العتق: كالجواب في الأبوة، بأن ادعى الأول أنه متولي الميت أعتقه، وأن القاضي الثاني إنما قضى له بالميراث لذلك، وادعى الثاني أنه متولي الميت أعتقه؛ لأنه لا يتصور أن يكون الشخص معتقاً من الاثنين مَنَّ كل واحد منهما عليه؟ فصار الولاء كالنسب من هذا الوجه، إن سبق الحكم لأحدهما بالميراث بسبب الولاء فهو أولى، وإن اجتمعا قضى بينهما على نحو ما ذكرنا وإن زعم الأول أنه ابن الميت في الميراث وإن سبق الحكم لأحدهما؛ لأن سبق الحكم لأحدهما لا يدفع الثاني، لإمكان الجمع بخلاف فصل الأبوة، لأن هناك الجمع غير ممكن على ما مر.s

وإن زعم الأول أنه ابن الميت فأقامت المرأة بينة أنها بنت الميت، فالميراث بينهما أثلاثاً، وإن تقدم الحكم للأول لأن تقدم الحكم للأول؛ لا يدفع الثاني لإمكان الجمع.

ولو ادعى الأول أنه ابن أو أب وأقام الآخر بينة، أنه أخو الميت لا شيء للثاني؛ لأن الإخوة لا يرثون مع الابن والأب، ولو كان المقضي له امرأة زعمت أنها زوجة الميت، ثم جاء رجل وأقام بينة أنه أخ الميت أخذ منها ما زاد على الربع؛ لأنه كان وصار الحاصل أن القاضي الأول إذا قضى بوراثة الأول ولم يبين سبب الوراثة، وأقام الآخر بينة عند القاضي الثاني على نسبه عن الميت، سأل القاضي الثاني الأول عن نسبه، إن ذكر نسباً لا يرث مع الثاني فالميراث كله للثاني، وإن ذكر نسباً لا يرث الثاني معه فلا شيء للثاني، وإن ذكر نسباً يرث مع الثاني يجمع بينهما في الميراث.

قال: فإن كان المقضي له الأول معتوهاً أو صغيراً لا يعبر عن نفسه، فأقام بعض من ذكرنا بينة على أنه وارثه وبين نسبه عن الميت، فإن كان الثاني ممن يحتمل السقوط بحال نحو الأخ والعم جعله القاضي ساقطاً بالأول، وإن كان الثاني لا يحتمل السقوط، فإن القاضي يجعل للأول أفضل الأشياء ويقضي للثاني بأقل ما يكون.

بيانه: فيما إذا كان الأول ذكراً يجعل ابن الميت حتى لو كان الثاني إنما يعطى له السدس لكونه أقل، ولو كان الثاني زوجة الميت يعطى لها الثمن لكونه أقل؛ لأن الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>