للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثياب مرتفع السلب، فالقول قول المدعي في أنه موسر إلا في أهل العلم والأشراف كالعلوية والعباسية، فإنهم يتكلفون للباسهم مع حاجتهم حتى لا يذهب ماء وجههم فلا يكون الزيّ فيهم دليلاً على اليسار.

وتحكيم الزي ممهد في أصول الشرع حتى حكم الزي في باب الزكاة في جواز الصرف إلى من رأى عليه زي الفقر فكذلك هذا، فإن كان على المطلوب زي الفقر، فادعى الطالب أنه قد كان عليه زي الأغنياء ولكن غير زيه حين حضر مجلس الحكم، فإن القاضي يسأله البينة، فإن أقام البينة سمع منه وكان القول قوله، وإن لم يقم يحكم زيه في الحال ويكون القول قول المديون.

قال محمد رحمه الله في كتاب الحوالة: ويحبس في الديون كلها كائناً من كان من أم أو عم أو خال أو زوج أو زوجة أو امرأة، أو رجل مسلماً كان أو ذمياً أو حربياً مستأمناً أو صحيحاً أو زمنا أو مقعداً أو أشل أو أقطع اليدين؛ لأن الدين على هؤلاء، وبهذه العوارض لا تسقط المطالبة، فكان الامتناع منهم مع القدرة على الأداء ظلماً فاستوجب، قال إلا أن يكون أباً أو أماً فإنه لا يحبس واحد من الأبوين بدين الابن، وكذلك لا يحبس الجد والجدة وإن علوا.

عن أبي يوسف رحمه الله أنه يحبس؛ لأن سبب الحبس الظلم لمنع الحق عن المستحق، وقد وجد، وجه ظاهر الرواية أن الحبس هلاك معنى باعتبار انقطاع منافع نفسه عنه. ولا يجوز للابن أن يسعى إلى إهلاك واحد من أبويه وأجداده، قال: إلا أن تجب عليها نفقته فكل من أجبرته على النفقة، وإني حبسته أباً أو أماً أو جداً أو جدة أو زوجاً؛ لأن في ترك الإنفاق عليهم سعي إلى إهلاكهم، ويجوز أن يحبس الوالد لقصد إتلاف الولد، أو يعاقب لدفع التلف عن ولده، يوضحه: أن النفقة إنما تجب عليه، لأولاده الصغار أو الإناث أو الرجال الكبار الزمنى إذا كانوا معسرين؛ لأنهم عاجزون عن الكسب فبمنع الإنفاق عليهم سعى إلى إهلاكهم، فلهذا يحبسون بذلك.

والمكاتب والعبد التاجر والصبي الحر المأذون له في الحبس بمنزلة ما وصفت لك، أما المكاتب فلأنه هو بدأ فإذا كان عنده من الكسب ما يقدر على قضاء الدين، ولم يقض صار ظالماً فيستحق العقوبة، وكذلك العبد التاجر؛ لأنه هو المخاطب بقضاء من كسبه، وأما الصبي الحر فقد ذكر في بعض المواضع: الغلام التاجر الذي لم يحتلم بمنزلة الرجل في الحبس.

وذكر في بعض المواضع لو أن غلاماً لم يراهق الحلم (١٠٦ب٤) استهلك مالاً لرجل وله دار وأرض ولا أب له ولا وصي لم يحبس لذلك، ولكن إن شاء القاضي جعل له وكيلاً ببيع بعض ماله حتى يوفي الطالب دينه، وإن كان له أب أو وصي ممن يجوز بيعه بأنه يحبس، وبعض مشايخنا رحمهم الله مالوا إلى الحبس مطلقاً وجعلوه كالبائع؛ لأنه لزمه قضاء الدين، وبالامتناع صار ظالماً فيحبس؛ ولأنه لو لم يحبس وعرف الناس منه ذلك لا يبايعونه حتى لا يمتنع من قضاء الدين، فلا يمكنهم الوصول إلى حقهم، فشرع

<<  <  ج: ص:  >  >>