أصلاً؛ لأن منافع الأملاك بين الأخوين متباينة لا ينتفع الأخ بمال أخيه لا ابتداءً ولا بواسطة الأب، فلم تكن هذه شهادة لنفسه (١٢١ب٤) بوجه ما فقبلت.
وإذا ثبت الكلام في الكلام في الأخ ثبت في الأخت؛ لأنهما سيان في القرابة، وثبت الكلام في سائر القرابات، نحو العمّ والخال والعمة والخالة؛ لأن الأخ أقرب من هؤلاء، فإذا قبلت شهادته للأخ، فلهؤلاء أولى.
ولا تجوز شهادة الرجل لولد ولده وإن سفل، ولا لجده وإن علا، وتجوز شهادته لأم امرأته وابنتها، ولزوج ابنته وامرأة أبيه وأخت امرأته؛ لأن الثابت بينه وبين هؤلاء حرمة المناكحة لا غير، وإنها لا تمنع قبول الشهادة كما في الرضاع، ومن لا تجوز شهادته له لا تجوز شهادته لعبده، ولا لمكاتبه ولا أم ولده ولا المدبّر، ولا تجوز شهادة العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد في حقوق العباد عندنا، وكذلك شهادة معتق البعض عند أبي حنيفة؛ لأنه بمنزلة المكاتب ما دام يسعى.
نوع آخَر من هذا الفصل
العبد إذا شهد في حادثة، ورد القاضي شهادته، ثم أعتق وأعاد تلك الشهادة قبلت شهادته، وكذلك الصبي والكافر إذا شهدا على مسلم، فرد القاضي شهادتهما، ثم أسلم الكافر وبلغ الصبي، ثم أعاد تلك الشهادة، فإنه تقبل شهادتهما.
فرق بين هذا وبين الفاسق إذا شهد في حادثة ورد القاضي شهادته، ثم زال الفسق بالتوبة، فأعاد تلك الشهادة، فإنه لا تقبل شهادته
وكذلك الزوج إذا شهد لزوجته وهو حر، والزوجة لزوجها وهي حرة، فرد القاضي شهادتهما، ثم ارتفعت الزوجية فأعاد تلكَ الشهادة لا تقبل شهادته.
ووجه الفرق بينهما: أن رد الشهادة في الفاسق والزوج والزوجة إذا كانا حرين محال على تهمة الكذب، غير محال على كونه غير أهل الشهادة؛ لأن الفاسق أهل للشهادة، والزوج والزوجة كذلك؛ لقيام ولاية كل واحد منهم على نفسه على الكمال، إلا أنه تمكنت في شهادتهم زيادة تهمة بسبب الفسق، أو بسبب وصلة الزوجية، فكان الرد محالاً على تهمة الكذب، وإذا كان الرد محالاً إلى تهمة الكذب صار الشاهد بِرَدِّ القاضي شهادته بتهمة الكذب مكذّباً من جهة الشرع فيما شهد به، وتكذيب الشرع ينزل منزلة التكذيب من حيث العيان، ولو ثبت الكذب من حيث العيان لا يكون لشهادته عبرة بعد ذلك، فكذلك هذا.
فأما في العبد إن كان عدلاً، فرد الشهادة غير محال له على تهمة الكذب؛ لأنه عدل فيكون محالاً على كونه غير أهل، فلم يصر مكذباً فيما أخبر من جهة الشرع، وقيل خبره إذا صار من أهل الشهادة بالعتق كما قبل الشهادة، وإن كان العبد فاسقاً فقد تمكن في شهادته عدم الأهلية وتهمة الكذب، فكان الرد محالاً على عدم الأهلية، لا على تهمة الكذب، حتى يتوقف الرد ولا يتأبد، فيكون تقليلاً للرد بقدر الإمكان.