شهادتهما فههنا كذلك. قال مولانا تغمده الله بالرحمة: وعندي أن ما ذكرنا في «الجامع» أصح.
ولو أن رجلين شهدا أن امرأة أبيهما ارتدت عن الإسلام، والمرأة تنكر ذلك، فإن كانت أمّهما حية وهي في نكاح أبيهما لا تقبل الشهادة ادعى الأب ذلك أو جحد، أما إذا ادعى فلأن هذه الشهادة وقعت للأب، بيانه: أن الأب لما ادعى الردّة عليها، فقد ادعى سقوط جميع الصداق إن لم يكن مدخولاً بها، وسقوط نفقة العدة إن كانت مدخولاً بها، إلا أنه لا يصدق على ذلك إذا لم تصدقه المرأة فهما بهذه الشهادة يثبتان ذلك. وأما إذا كان الأب يجحد، فلأن هذه الشهادة وقعت للأم لخلوص الفراش لها، وهذه منفعة لا يشوبها ضرر فمنعت قبول الشهادة ادعت الأم ذلك أو جحدت.
وإن كانت أمهما ميتة، فإن ادعى الأب ذلك لا تقبل شهادتهما، وإن جحد تقبل؛ لأنه لا منفعة للأمّ في هذه الشهادة، فتعين جانب الأب، وفي جانب الأب يترجح النفع بالدعوى والضرر بالجحود.
وإن شهدا أن أباهما خالع أمهما على صداقها، فإِن ادعى الأب ذلك لا تقبل شهادتهما؛ لأنهما يشهدان لأبيهما، لأن الطلاق قد وقع بإقرار الأب، بقيت هذه الشهادة لبراءة الأب عن الصداق كلاً أو بعضاً، فلا تقبل. وإن جحد الأب ذلك، فإِن كانت الأم تدعي ذلك لا تقبل شهادتهما، وإِن كانت تجحد تقبل شهادتهما لما ذكرنا.
وإن شهدا أن أباهما خالع امرأته وأنها ميتة، فإن كان الأب يدعي لا تقبل شهادتهما، وإن كان يجحد تقبل شهادتهما.
ولو أن رجلاً تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول بها، ثم تزوجها مرة أخرى، فشهد ابناه أنه كان طلقها ثلاثاً في (١٢٤ب٤) النكاح الأول، وتزوجت ثانياً قبل أن تتزوج بزوج آخر، فهذه المسألة أيضاً لا تخلو من الوجوه التي ذكرناها من دعوى الأب أو إنكاره، ومن دعوى المرأة أو إنكارها، فإن صدقته المرأة ثبتت الفرقة وسقط جميع المهر بتصادقهما، فوقع الاستغناء عن الشهادة، وإن أنكرت المرأة لا تقبل شهادتهما؛ لأن هذه الشهادة واقعة للأب.
بيانه: أن الحرمة وإِن ثبتت بإقرار الزوج إلا أنه لزمه نصف المهر؛ لأن النكاح صحيح بظاهر الحال، فالفرقة فيه بالطلاق قبل الدخول توجب نصف المهر، فلو قبلنا شهادتهما سقط المهر كله؛ لأن النكاح في المطلقة ثلاثاً لا يوجب المهر، إلا إذا اتصل به الدخول، ولم يوجد الدخول، فكانت هذه شهادة للأب من هذا الوجه، فلم يقبل. وإن أنكر الأب تقبل شهادتهما ادعت المرأة بذلك أو أنكرت؛ لأنه إن كان في هذه الشهادة منفعة الأب لسقوط جميع الصداق، ففيه ضرر له أيضاً بزوال ملك النكاح، وقد بينا أن فيما يدور بين النفع والضرر تعتبر الدعوى والإنكار، وعند الإنكار يترجح جانب الضرر، فكانت شهادة على الأب، وسقط جميع الصداق عنه ضرورة قبول الشهادة على الطلاقات.
ثم في هذه المسائل إنما قلنا:(تقبل) شهادتهما وإن لم يسبق دعوى أحد ما شهدا به؛