للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يد المدعى عليه، أو أقر المدعى عليه أن الدار كانت في يد هذا المدعي، أمره القاضي بالتسليم إلى المدعي كذا هنا، ولأن الشهود شهدوا بأخذ المدعي الدار من المدعي؛ لأنهم شهدوا أنها كانت في يد المدعي، وما كان في يد الإنسان لا يصير في يد غيره إلا بالأخذ منه، فصار الأخذ من المدعي مشهوداً به اقتضاءً، فيعتبر بما لو كان الأخذ مشهوداً به نصاً بأن قالوا: هذه الدار كانت في يد المدعي أخذها هذا منه وهناك يقضي بالدار للمدعي كذا ههنا.

وجه «ظاهر الرواية» : أن يد المدعى عليه على العين الذي وقع فيه النزاع ثابتة بيقين ولم تثبت ببينة المدعي ما يوجب نقضها، وهو الأخذ من المدعي لا بنصّ الشهادة وهذا ظاهر؛ لأن الشهود لم يشهدوا أن المدعى عليه أخذها من المدعي، ولم يثبت ذلك أيضاً، مقتضى ما شهدوا به من كونها في يده أمس؛ لأنه لم يثبت كونها في يده أمس بهذه الشهادة؛ لأن المشهود به لا يثبت إلا بقضاء القاضي والقاضي لا يمكنه القضاء بكونها في يد المدعي؛ لأن كونه في يده محتمل أن يكون بحق بأن تكون يد ملك، ويحتمل أن تكون بغير حق بأن كان يد غصب فعلى أحد الاحتمالين يجوز القضاء، وعلى الاحتمال الآخر لا يجوز القضاء، فلا يجوز القضاء بالشك، ولأن قبول الشهادة على أمر (١٤٦أ٤) في الماضي، باعتبار ما عرف ثبوته في الحال، والحكم ببقائه باعتبار استصحاب الحال، وذلك فيما لم يتيقن بزواله، وقد تيقن القاضي بزوال اليد ههنا، فإذا لم يقض القاضي بكونها في يده لم يثبت كونها في يده، فلا يثبت الأخذ منه.

وقوله بأن الأخذ مشهود به على حسب ما قرر. قلنا: إنما يكون الأخذ مشهوداً به، إذا ثبتت اليد فيما مضى ولم (تثبت) بهذه الشهادة؛ لأن اليد محتملة، ولا يجوز القضاء بما هو محتمل على ما مر، وإذا لم تثبت اليد للمدعي بهذه الشهادة كيف يثبت الأخذ منه؟ بخلاف ما إذا شهدوا على إقرار المدعى عليه أنها كانت في يد المدعي، لأن الإقرار حجة تلزمه بنفسه لا تتوقف على قضاء القاضي، فتثبت يد المدعي بنفس الإقرار، ويثبت الأخذ من المدعي، أما البينة فلا تصير حجة إلا بالقضاء، والقضاء باليد فيما مضى مع الاحتمال، فلا يثبت الأخذ منه، أو نقول: إقرار ذي اليد صدق في حقه من كل وجه غير محتمل من الصدق والكذب، فوجب القضاء بالإقرار لا محالة، وما ثبت بالإقرار فهو كالثابت معاينة، ولو عاين القاضي إقرار المدعى عليه أنها كانت في يده أمس، يثبت أخذه من المدعي لا محالة، كذا ههنا.

وبخلاف ما إذا عاين القاضي كونه في يد المدعي أمس هناك ثابت من غير قضاء، ومن ضرورته الأخذ منه، وبخلاف ما إذا شهدوا أنه أخذها من المدعي؛ لأن الأخذ هناك قد ثبت بنص الشهادة. أما هنا بخلافه وبخلاف ما إذا شهدوا أنه أخذها من المدعي؛ لأن الأخذ هناك قد ثبت بنص الشهادة. أما هاهنا بخلافه.

وبخلاف ما إذا تنازع رجلان في دار، كل واحد يدعي أنها له وفي يديه، وأقاما البينة على أنها كانت في أيديهما، فإن القاضي يقضي بكون الدار في أيديهما للحال، مع

<<  <  ج: ص:  >  >>