امرأته، وإنما شهدوا أنه طلق هذه ثلاثاً، وكذلك هذا في العتق والبيع وغير ذلك إذا جحد البائع دعوى الشاهد، وقال: المتاع لي، وكذلك إذا قال الشاهدان: نحن أمرناه بالبيع، لأن ما نفذ من الحكم بشهادتهما بمنزلة الإقرار منهما أنه لاحق لهما فيه، ولا في ثمنه وسواء كان البائع جاحداً للبيع أو كان المشتري جاحداً للشراء، ولو شهدا ورد الحاكم شهادتهما، ثم ادعياه لأنفسهما، فليس لهما في ذلك دعوى، وإن لم يشهدا عليه عند الحاكم ولكن شهدا المبايعة وحتما على الشراء من غير إقرار بكلام، فإن هذين لا تقبل لهما دعوى.
وذكر عن محمد رحمه الله: رجل شهد على رجل أنه طلق هذه المرأة ولم يشهد أنها امرأته، وأجاز القاضي شهادته عليها، ثم ادعى الشاهد أنها امرأته، وقال: لم أعرفها ولم أكن دخلت بها قبلت بينته، وكذلك لو شهد على إقرار المرأة أنها امرأته ولم يشهد أنها امرأته، فأجاز القاضي عليها إقرارها وجعلها امرأته، ثم أقام الشاهد بينة أنه تزوجها منذ سنة، وإني لم أعرفها قبلت بينته، ويبطل قضاء القاضي، ويردها على الشاهد، فصارت مسألة الطلاق مختلفة بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله.
في «أدب القاضي» : إذا شهد شاهدان لمدعى على رجلين أن أحدهما باع الدار من هذا المدعي وسلم الآخر، ولا يعرف الشهود البائع فشهادتهما باطلة، لأن المشهود عليه مجهول.
بيانه: أن الشهادة بالبيع شهادة على البائع وبزوال ملكه عن المبيع ببدل، وهما لم يعرفا البائع فكان المشهود عليه مجهولاً من هذا الوجه.
وكذلك إذا شهدا على رجل أنه باع هذه الدار من أحد هذين الرجلين، ولا يعرفان المشتري بعينه، لأن المشهود عليه مجهول وهو المشتري، قال: ألا ترى أن في الأول لو قلنا: هذه الشهادة فإذا استحقت الدار من يد المشتري، فالمشتري على من يرجع بالثمن؟، وقال: ألا ترى أن في الفصل الثاني لو قبلنا هذه الشهادة فعلى من يلزم الثمن وينكره كل واحد منهما ويدفعه عن نفسه.
في «نوادر ابن سماعة» عن محمد: في شاهدين شهدا على رجلين، فقالا: نشهد أن هذين ضربا فلاناً فقتلاه، ضربه أحدهما بالسيف، والأخر بالعصا، لا ندري أيهما صاحب السيف وأيهما صاحب العصا فالشهادة باطلة، لأن القتل يختلف باختلاف الآلة، فإذا جهلا أيه فعل كل واحد منهما، صار فعل كل واحد منهما مجهولاً وجهالة المشهود به يمنع صحة الشهادة.
وكذلك إذا قالا: نشهد أنهما قطعا يديه فمات من ذلك، قطع أحدهما يمينه، والآخر يساره، عمداً، أحدهما بحديدة، والآخر بعصا، ولا ندري من صاحب العصا منهما، أو لا ندري من قطع منهما اليمين ومن قطع منهما اليسار، أو قالا: جرحاه هاتين الجراحتين، لا ندري من جرح هذه ومن جرح هذه، فالشهادة في هذا كله باطلة؛ لأن الفعل يختلف باختلاف المحل وباختلاف الآلة، فإذا أقرا أنهما جهلا ذلك، فقد ضيعا