للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون المقضي عليه في هذه الصورة صاحب اليد دون المقر له، لأن المقر له بمنزلة الوكيل عنه، ولأجل هذا المعنى ظن بعض مشايخنا أن ما ذكر من الجواب في «الكتاب» قولهما؛ لا قول أبي حنيفة، لأنهما يريان جواز التوكيل، ولزومه من غير خصم، وأبو حنيفة لا يرى ذلك قصداً، والتوكيل هاهنا لا يثبت قصداً، وإنما يثبت حكماً للإقرار بالملك، وكم من شيء ثبت حكماً، ولا يثبت قصداً، فلهذا قضى القاضي للمدعي على صاحب اليد من غير إعادة البينة (٢١٤أ٤) فإن قال المدعي: أنا أعيد البينة على المقر له كان له ذلك، وكان المقضي عليه في هذه الحالة المقر له لا ذا اليد.

بخلاف ما إذا قال المدعي: لا أعيد البينة، فإن المقضي عليه في هذه الصورة ذو اليد المقر لهز

والفرق: أن المدعي إذا لم يرضَ بإعادة البينة لم ينفذ إقرار ذي اليد في حق المدعي كي لا يلزم إعادة البينة فكان وجود إقراره كعدمه، ولو عدم منه البينة كان المقضي عليه ذو اليد؛ لأن البينة قامت عليه، وهو لم يكن وكيلاً عن المقر له، فأما إذا قال: أنا أعيد البينة، فقد رضي ببطلان ما أقام على ذي اليد من البينة، فنفذ إقرار ذي اليد على المدعي، وثبت الملك للمقر له في حق المدعي، وصار المقضي عليه في هذه الحالة المقر له لا صاحب اليد.

فلو أن القاضي لم يقضِ بالعبد للمدعي على الذي حضر حتى أقام الذي حضر بينة على المدعي أن العبد عبده كان أودعه من صاحب اليد أو أقام البينة أن العبد عبده، ولم يقم البينة على الإيداع قبلنا بينته وقضينا بالعبد له وأبطلنا بينة مدعي الشراء؛ لأن الذي حضر أثبت بينته أن مدعي الشراء أقام البينة على غير الخصم.

فإن قيل: ينبغي أن لا تقبل بينة الذي حضر على مدعي الشراء؛ لأن العبد في يد الذي حضر، وذو اليد إذا أقام بينة على أن ما في يده ملكه لا تقبل بينته لاستغنائه عن إقامة البينة يكون الملك ثابتاً له بظاهر اليد.

قلنا: بينة الذي حضر عندنا لا تقبل لإثبات الملك لنفسه وإنما تقبل بإبطال بينة مدعي الشراء؛ لأن الذي حضر بينته يثبت أن المدعي أقام البينة على غير الخصم، وبينة ذي اليد على مقبولة كما لو أقام المدعي بينة بعد ذلك على إقرار المقر له؛ قبلت بينته، ويقضى بالعبد لأنه خارج، والمقر له ذو اليد والخارج مع ذي اليد؛ إذا أقاما البينة والخارج يدعي الشراء من خارج آخر تقبل بينة الخارج، ويقضى له على ذي اليد كذا هاهنا هذا إذا أقام المقر له بينة قبل القضاء للمدعي.

فأما إذا أقام بينته بعد القضاء للمدعي لكن بالبينة التي قامت على صاحب اليد بأن لم يعد المدعي بينته على صاحب اليد قبلت بينته أيضاً، ويقضى له بالعبد على المدعي؛ لأن المقر له لم يصر مقضياً عليه، إنما المقضي عليه ذو اليد على ما مرَّ، فقبلت بينته.

فإن قال مدعي الشراء: أنا أقيم البينة على المقر له أن العبد كان لصاحب اليد، وإني اشتريته منه، فهذا على وجهين: إما إن أعاد البينة بعد ما قضى القاضي للذي حضر

<<  <  ج: ص:  >  >>