للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر، فنقض كل واحد منهما صاحبه، ويجعل كأنه لم يوجد منه دعوى الوديعة ولا دعوي الغصب.

ونظير هذه المسألة مسألة الوديعة، إذا قال المودع: هلكت الوديعة، ثم قال: لا بل رددتها كان ضامناً، وإن كان كل واحد من الأمرين، لو كان لا يكون ضامناً؛ لأنه لم يثبت واحد منهما لكونه متناقضاً، فكذا هاهنا لم يثبت كل واحد من الأمرين لمكان المناقضة وجعل كأنه سكت، ولم يدع واحد منهما.

ثم إذا جعله القاضي خصماً للمدعي ببينته، ثم قدم عبد الله، وادعى أن الدار له كان أودع هذا الذي كانت في يده، وأراد أن يأخذها من المدعي حتى يعيد المدعى عليه البينة؛ لم يكن له ذلك لأن الشراء من عبد الله صار مقضياً به لما جعل القاضي صاحب اليد خصماً للمدعي، وقضى عليه ببطلان يده.

ولو قال الذي في يديه الدار: أودعنيها عمرو وكيل عبد الله لا تندفع الخصومة عنه ما لم يقم البينة عليه، وقد ذكرنا وجه ذلك، فإن أقام ذو اليد بينة، فشهدوا أن عبد الله دفعها إلى عمرو، وقالوا: لا ندري دفعها عمرو إلى هذا الذي في يديه أم لا؛ فهو خصم للمدعي؛ لأن الدافع لخصومة المدعي عنه، دفع عمرو الدار إليه، لا دفع عبد الله إلى عمرو، ولم يثبت دفع عمرو بهذه البينة، فإن قال الذي في يديه الدار للقاضي: استحلف المدعي ما دفعها إلى عمرو، فالقاضي يحلف المدعي على ذلك؛ لأن الذي في يديه الدار ادعى عليه، يعني: لو أقر به يلزمه، فإذا أنكر يستحلف رجاء النكول.

ألا ترى أن في المسألة الأولى جعلنا الذي في يديه الدار بدعوى المدعي، وإنما جعلنا لأن المدعي ادعى عليه، يعني: لو أقر به يلزمه، فإذا أنكر استحلف رجاء النكول كذا هاهنا، إلا أن في المسألة الأولى استحلف الذي في يديه الدار على الثبات، وهذا يستحلف المدعي على العلم؛ لأن هاهنا المدعي يستحلف على فعل الغير من كل وجه؛ لأنه يستحلف على دفع عمرو الدار إلى ذي اليد، ولا فعل للمدعي في ذلك، وهناك يستحلف ذي اليد على الإيداع عبد الله الدار منه له اتصال به، وهذا القدر كافٍ لاستحلاف على الثبات كما لو ادعى أنه اشتراه منه.

ولو أن الذي في يديه الدار أقام البينة أن عمرو أودعها إياه، وقالوا: لا ندري من دفعها إلى عمرو، وقال (٢١٦أ٤) الذي في يديه الدار: دفعها إلى عبد الله فلا خصومة بينهما؛ لأنه ثبت وصول الدار إلى ذي اليد من جهة غيره، وإنه كافٍ لدفع خصومة المدعي، ولا يمين على الذي في يديه الدار؛ لأنه أثبت وصول الدار إلى يد ذي اليد، من جهة غيره، وإنه كافٍ لدفع خصومة المدعي، ولا يمين على الذي في يديه الدار لأنه أثبت ما ادعاه بالبينة، فهو نظير المودع إذا ادعي الرد وأثبته بالبينة، وهناك لا يمين على المودع؛ كذا هاهنا.

القسم الثالث من هذا النوع

المدعي إذا ادعى الفعل إلا أنه لم يسم فاعله بأن قال: هذا العين لي سرق مني،

<<  <  ج: ص:  >  >>