ولنا: قوله عليه السلام: «أربع إلى الولاة» وذكر من جملتها «الجمعة والعيدين» ، وفي حديث جابر رضي الله عنه قال:«من تركها استخفافاً بها والإمام عادل أو جائر» ألحق الوعيد الشديد بترك الجمعة بشرط أن يكون له إمام، والمراد به السلطان؛ لأنه وصفه بالعدل أو الجور، وذا إنما يتحقق من السلطان، ولأن إقامة الجمعة مقام الظهر عرف شرعاً بخلاف القياس فيراعى جميع ما ورد به النص والنص ورد بإقامتها من السلطان؛ ولأن الناس يتركون الجماعة هذا اليوم لإقامة الجمعة.
فلو لم يشترط فيها السلطان أدى إلى الفتنة لأنه يسبق بعض الناس إلى الجامع، فيقيمونها لفرض لهم وتفوت على غيرهم وفيه من الفتنة ما لا يخفى، فيجعل مفوضاً إلى الإمام الذي فوض إليه أحوال الناس والعدل بينهم؛ لأنه أقرب إلى تسكين الفتنة والاحتجاج بحديث علي رضي الله عنه لا يصح لأنه يحتمل أنه فعل ذلك بإذن عثمان رضي الله عنه، فلا يصح الاحتجاج به مع الاحتمال أو إن فعل بغير إذنه وإنما يفعل أن الناس اجتمعوا عليه وعند ذلك يجوز لما نبين إن شاء الله تعالى.
وقوله: بأن هذه صلاة مكتوبة كسائر الصلوات، قلنا: نعم هذه مكتوبة إما ليست كسائر الصلوات فإنه يشترط لها من الشرائط ما لا يشترط كسائر الصلوات، بل هي صلاة عرف لها من النص فتعرف شرائطها من النص، لا في سائر المكتوبات.
وإذا ثبت أن السلطان شرط يتفرع على هذا مسائل:
أحدها: ما ذكر في «الأصل» : أن رجلاً من عرض الناس لو صلى الجمعة بالناس بغير إذن الإمام أو خليفته أو صاحب شرطة أو القاضي لا يجزئهم لفوات شرطها فقد جمع في هذه المسألة بين الإمام وخليفته وصاحب شرطة والقاضي، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: هذه المسألة بناءً على عرف زمانهم، فإن في زمنهم صاحب شرطة والقاضي كل واحد منهما كان مولياً أمر السياسة وإقامة الجمعة، أما في زماننا القاضي وصاحب الشرطة لا يوليان ذلك.
وفي «نوادر بشر» أبي يوسف رحمهما الله: أن لصاحب الشرطة أن يصلي الجمعة بالقوم وإن لم يخرج الأمير، ولا يصلي بهم القاضي إذا لم يخرج الأمير، وعن أبي يوسف أيضاً أنه قال: أما القوم، فالقاضي يصلي بهم الجمعة؛ لأن الخلفاء يأمرون القضاة أن يصلوا بالناس الجمعة.
قيل: أراد بهذا قاضي القضاة الذي يشهد له أنه قاضي الشرق والغرب كأبي يوسف في وقته، فأما في زماننا القاضي، وصاحب الشرطة لا يوليان ذلك.
والي مصر مات، ولم يبلغ موته الخليفة حتى مضت بهم جمع، فإن صلى بهم خليفة الميت أو صاحب الشرطة أو القاضي جاز؛ لأنه فوض إليهم أمر العامة، هكذا ذكر في