للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«العيون» ، وهذا الجواب في حق القاضي وصاحب الشرطة بناءً على عرف زمانهم على ما بينا.

ولو اجتمعت العامة على أن يقدموا رجلاً مع قيام واحد من هؤلاء الذين ذكرنا من غير أمرهم لم يجز؛ لأنه لم يفوض إليهم أمورهم إلا إذا لم يكن ثمة قاضي ولا خليفة الميت بأن كان الكل هو الميت حينئذٍ، جاز لضرورة.

ألا ترى أن علياً رضي الله عنه صلى بالناس يوم الجمعة وعثمان رضي الله عنه محصور؛ لأن الناس اجتمعوا على علي رضي الله عنه، فقد جمع في هذه المسألة أيضاً بين القاضي وخليفة الميت، والجواب في حق القاضي بناءً على عرف زمانهم على ما ذكرنا.

إبراهيم عن محمد رحمهما الله، أنه إذا خطب الأمير ثم أحدث ولم يقدم أحداً فتقدم عامل له لم يجز، ولا يجوز أن يقدم أحداً إلا أحد هؤلاء الثلاثة صاحب الشرطة أو القاضي أو الذي ولاه القاضي.

والحاصل: أن حق التقدم في إقامة الجمعة حق الخليفة إلا أنه لا يقدر على إقامة هذا الحق بنفسه، في كل الأمصار، فيقيمها غيره بنيابته، والسابق في هذه النيابة في كل بلدة الأمير الذي ولي على تلك البلدة ثم الشرطي ثم القاضي ويريد به قاضي القضاة، ثم الذي ولاه قاضي القضاة، وتجوز صلاة الجمعة خلف المتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له من الخليفة إذا كانت سيرته في رعيته حسنه، لأمر الحكم فيما بين رعيته بحكم الولاية؛ لأن بهذه ثبتت السلطنة، فيتحقق الشرط.

الشرط الثالث: الوقت يعني به وقت الظهر، حتى لا يجوز تقديمها على الزوال ولا بعد خروج الوقت، والأصل فيه ما روي أن النبي عليه السلام لما بعث مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة قبل هجرته قال له: «إذا مالت الشمس، فصل بالناس الجمعة» وكتب إلى سعد بن زرارة «إذا زالت الشمس من اليوم الذي تتجهز فيه اليهود لسبتها، فازدلف إلى الله تعالى بركعتين» ، ولأن الجمعة أقيمت مقام الظهر، فيشترط أداؤها في وقت الظهر، حتى لو خرج وقت الظهر في خلال الصلاة تفسد الجمعة، وإن خرج بعد ما قعد قدر التشهد، فكذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما لا تفسد ولو خرج بعد السلام لا تفسد بالإجماع، ثم إذا خرج وقت الظهر في خلال الصلاة حتى فسدت الجمعة يبقى أصل الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله.

وعند محمد رحمه الله: تبطل التحريمة، ولا يبقى أصل الصلاة، وهذا بناءً على أصل معروف تقدم ذكره أن للصلاة جهتان عند أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله الفرضية وأصل الصلاة، فإذا بطلت صفة الفرضية يبقى أصل الصلاة، وعند محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>