رحمه الله للصلاة جهة واحدة وهو الفرضية، فإذا بطلت الفرضية بطل أصل الصلاة.
وفي «فتاوى الفضلي» : المقتدي إذا نام في صلاة الجمعة ولم ينتبه حتى خرج الوقت، فسدت صلاته؛ لأنه لو أتمها كان قضاء، وقضاء الجمعة لا يجوز، ولو انتبه بعد فراغ الإمام والوقت قائم أتمها جمعة؛ لأنه يصير مؤدياً الفرض في الوقت.
الشرط الرابع: الجماعة؛ لظاهر قوله تعالى:{يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(الجمعة: ٩) فهذا خطاب للجماعة، ولأنها سميت جمعة وفي هذا الاسم ما يدل على اعتبار الجماعة فيها.
ثم إن العلماء رحمهم الله اختلفوا فيما بينهم في تقدير الجماعة، قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: يتم بثلاثة نفر سوى الإمام، وعن أبي يوسف رحمه الله: في غير رواية الأصول اثنان سوى الإمام، وقال الشافعي رحمه الله: لا تنعقد الجمعة إلا بأربعين رجلاً من الأحرار المقيمين سوى الإمام.
حجة الشافعي: ما روي أن أول جمعة أقيمت في الإسلام كانوا أربعين رجلاً، وكان رسول الله عليه السلام ينتظر اجتماع الأربعين فلو كانت تنعقد بدون الأربعين لكان لا ينتظر اجتماع الأربعين، ولأن إقامة الجمعة مقام الظهر أمر عرف بخلاف القياس، فلا يقوم مقامها إلا بالشرائط التي ورد بها النص، ولم ينقل أن النبي عليه السلام أقام الجمعة بثلاثة نفر من الرجال وقد نقل أنه أقامها بأكثر من ثلاثة نفر فقدرنا الأكثر بأربعين بما روينا من الحديث.
وأبو يوسف رحمه الله يقول: للمثنى حكم الجماعة حقيقة وحكماً، أما حقيقة، فلأن الجماعة مشتقة من الاجتماع وذلك يتحقق بالمثنى وأما حكماً، فلأن الجماعة الإمام يتقدم عليهما، وذلك من أحكام الجماعة وربما كان يقول إذا كان سوى الإمام إثنان يكون مع الإمام ثلاثة، والثلاث جمع متفق عليه.
ولنا: قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(الجمعة: ٩) الآية، فالمنادي كأنه خارج عن خطاب الشرع كذلك الذاكر، وهو الإمام خارج عن خطاب السعي أيضاً، فيكون قوله:«فاسعوا» خطاب جمع الذين يسمعون النداء، فتناول هذا الخطاب كل جمع، وأقل الجمع المتفق عليه الثلاثة، فإذا أجاب المنادي ثلاثة من الناس وسعوا إلى الجمعة، وأقاموها جاز لظاهر الآية، وما قاله الشافعي: باطل لما روي أنه لما نفر الناس في اليوم الذي دخل فيه العير المدينة، كما قال الله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَرَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التّجَرَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرزِقِينَ}(الجمعة: ١١) ، بقي مع رسول الله عليه السلام إثني عشر رجلاً، فصلى بهم الجمعة وقد روى الزهري: أن النبي عليه السلام بعث مصعب بن عمير أميراً إلى المدينة ثم كتب إليه أن أقم بهم الجمعة، فأقام بهم الجمعة وكانوا اثني عشر نفساً ولا حجة له في الحديث الذي روي إذ فيه أنه أقام