للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأربعين وما دونه مسكوتٌ عنه على أنه روي أنهم كانوا أقل من أربعين.

وقول أبي يوسف رحمه الله: إن للمثنى حكم الجماعة فاسد؛ لأن ما دون الثلاث ليس بجمع مطلق بدليل أن أهل اللغة، فصلوا بين التثنية والجمع، والجمع والشرط هو الجماعة المطلقة، وقوله الثاني أنه إذا كان مع الإمام إثنان كان مع الإمام جماعة فاسد؛ لأن الإمام شرط للجواز سوى الجماعة، فإن كل واحد منهما شرط على حدة، ولا يعتبر الإمام مع القوم في الجماعة بخلاف سائر الصلوات؛ لأن الإمام في سائر الصلوات ليس بشرط.

وكذلك الجماعة، فأمكننا أن نعد الإمام من القوم ثم يشترط في الثلاثة أن يكونوا بحيث يصلحون للإمامة في صلاة الجمعة، حتى أن نصاب الجمعة لا يتم بالنساء والصبيان، ويتم بالعبيد والمسافرين؛ لأنهم يصلحون للإمامة، ولا شك أن درجة الإمامة أعلى من درجة الاقتداء، فإذا لم يشترط الحرية والإقامة في الإمامة الذي هو أعلى، فلأن لا يشترط في الاقتداء الذي هو أدنى وفي كونه مؤتماً كان ذلك أولى وأحرى وهذا مذهبنا.

وقال زفر رحمه الله: لا تجوز إمامة العبد والمسافر في صلاة الجمعة لأنه لا تفترض عليهما الجمعة وإنما تصح منهما الأداء بطريق التبعية، فلا يجوز أن يكون أصيلاً بالإمامة وصار كالمرأة والصبي.

ولنا: أن العبد والمسافر صلحاً إمامين في سائر الصلوات فكذا في الجمعة وامتناع الفرضية ليس لعدم الأهلية، بل لعذر رخص الشرع الترك لأجله على ما مر، فإذا حضر وأدى وقع عن الفرض، وبه فارق الصبي والمرأة فإن الصبي ليس بأهل لأداء الفرض وكذا المرأة ليست بأهل للأداء بهذا الفرض؛ لأن مبناها على الاستتار، وفيما بني على الاستتار المرأة لم تؤهل، فإذا ظهر الكلام في جواز إمامتها، ففي انعقاد الجمعة باقتدائهما يكون أظهر، وقد صح أن رسول الله عليه السلام أقام الجمعة بمكة، وهو مسافر حتى قال: «أتموا صلاتكم يا أهل مكة فإنا قوم سفر» .

ومما يتصل بهذا الشرط من المسائل

ما ذكر في «الجامع الصغير» : فقال: إذا نفر الناس بعدما خطب الإمام فهذا على وجهين: إما أن ينفروا قبل الشروع في الصلاة أو بعد الشرع فيها.

فإن نفروا قبل الشروع فيها إن نفر الكل فالإمام يصلي بهم الظهر؛ لأن الجماعة شرط ولم تبق الجماعة وقت افتتاح الصلاة وإن نفر البعض إن كان الباقي سوى الإمام ثلاثة صلى الجمعة عندنا؛ خلافاً للشافعي؛ وإن كان الباقي اثنان سوى الإمام صلى الظهر عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وعن أبي يوسف رحمه الله في غير رواية «الأصول» :

<<  <  ج: ص:  >  >>