أنه يصلي الجمعة؛ لأنا نجعل من ذهب من القوم كأنه لم يحضر من الابتداء غير هؤلاء كان الجواب كما قلنا، فهنا كذلك، وإن لم يبق مع الإمام إلا عبيد ومسافرون صلى بهم الجمعة عند علمائنا رحمهم الله على ما مر.
وإن نفروا بعد الشروع في الصلاة إن صلى الإمام من الجمعة ركعة أتم الجمعة عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله، وعند زفر يصلي الظهر، وإن لم يقيد الركعة بالسجدة حتى نفروا صلى الظهر عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما يتم الجمعة.
فالأصل عند زفر: أن الجماعة شرط من أول الجمعة إلى آخرها كالطهارة والوقت، وهو القياس؛ لأن شرط الشيء يعتبر من أوله إلى آخره، وإنه ليس بصحيح، لأن شرط الشيء ما في وسع الإنسان، وإمكانه وليس في وسع الإمام وإمكانه إبقاء الجمع مع نفسه في جميع الصلاة، فلا يشترط ذلك.
والأصل عندهما: أن الجماعة شرط وقت الشروع في الصلاة؛ لأن الجماعة إذا وجدت حالة الشروع تنعقد التحريمة للجمعة بوصف الصحة، فجاز أن يتمها جمعة كما إذا نفروا بعدما قيد الركعة بالسجدة، وليس كما إذا نفروا قبل الشروع؛ لأن هناك تحريمته لم تنعقد للجمعة، فكيف يتمها جمعة.
والأصل عند أبي حنيفة رحمه الله: أن الجماعة شرط في ركعة تامة؛ لأن ما دون الركعة معتبر من وجه دون وجه، معتبره من وجه، فإنه إذا تحرم ثم قطع يلزمه القضاء، وغير معتبرة من وجه، فإنه إذا أدرك الإمام في السجود لا يصير مدركاً للركعة وإذا حلف لا يصلي، فافتتح الصلاة وقرأ وركع ثم قطع لا يحنث في يمينه، وصلاة الجمعة تغيرت من الظهر إلى الجمعة، فلا يتغير إلا بيقين ولا يقين إلا وأن توجد ركعة معتبرة من جميع الوجوه.
وإذا كبر الإمام للجمعة والقوم حضور لم يشرعوا معه ثم شرعوا بعد ذلك، ذكر في «الأصل» : أنهم إذا كبروا قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع صحت الجمعة، وإلا استقبلها ولم يذكر في الأصل خلافاً، وفي «متفرقات الفقيه أبي جعفر» رحمه الله جعل هذا قول محمد وذكر، وقال أبو حنيفة: إن كبر قبل أن يقرأ الإمام آية قصيرة صحت الجمعة وإلا استقبلها.
وقال أبو يوسف: إن كبروا قبل أن يقرأ الإمام ثلاث آيات قصار أو آية طويلة صحت الجمعة وإلا استقبلها، وإن كبروا قبل أن يشرع الإمام في القراءة صحت الجمعة بالاتفاق، ولو خطب والقوم حضور وشرعوا في الصلاة (١٠٢ب١) ثم أحدث القوم فخرجوا فدخل آخرون لم يسمعوا الخطبة، ودخلوا في صلاته جاز؛ لأن الخطبة والافتتاح حصل مع الجمع، ولو ظهر أن الأولون لم يكونوا على وضوء فكبر الإمام ثم دخل آخرون هم على الوضوء استقبل بهم التكبير؛ لأن الشروع ما حصل مع الجمع والله أعلم.
والشرط الخامس: الخطبة حتى لو صلوا من غير خطبة أو خطب الإمام قبل الوقت لا يجوز، والأصل فيه قول الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ