للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الذي يقتل غيلة بالخنق هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: وكذلك كل من يقتل على متاع يأخذه، والمكابرون في المصر بالسلاح؛ لأنهم يسعون في الأرض بالفساد، فكان حكمهم كحكم قطاع الطريق.

ذكر الحاكم في «المنتقى» : من قتل مظلوماً لم يغسل ويصلى عليه، ومن قتل ظالماً غسل، ولا يصلى عليه، وأراد بالمقتول ظلماً المقتول من أهل العدل قتل بسيف أهل البغي، وأراد بالمقتول ظالماً المقتول من أهل البغي قتل بسيف أهل العدل، وإنما لا يصلي على الباغي إذا قتلوا في الحرب، فأما إذا قتلوا بعدما وضع الحرب أوزارها يصلى عليه.

وكذلك قاطع الطريق إنما لا يصلى عليه إذا قتل في حالة الحرب، فأما إذا أخذهم الإمام، ثم قتلهم صلى عليهم.

وإذا مات المولود في حال ولادته، وإن كان خرج أكثره صلى عليه، وإن كان أقل لم يصلِ عليه؛ لأن للأكثر حكم الجميع، فإذا مات بعدما خرج أكثره فكأنه مات بعد الولادة، وإذا مات بعدما خرج الأقل منه، فكأنه مات في البطن.

ومن قتل نفسه خطأً بأن نازل رجلاً من العدو ليضربه، فأخطأه وأصاب نفسه ومات، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وهذا بلا خلاف.

وأما من يعمد قتل نفسه بحديدة، هل يصلى عليه؟ اختلف فيه المشايخ بعضهم قالوا: لا يصلى عليه، وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني رحمه الله يقول: الأصح عندي أنه يصلى عليه، وتقبل توبته إن كان تاب في ذلك الوقت لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} (النساء: ٤٨) وكان القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي رحمه الله يقول: الأصح عندي أنه لا يصلى عليه، لا؛ لأنه لا توبة له، ولكن لأنه باغي على نفسه، والباغي لا يصلى عليه.

والذي صلبه الإمام هل يصلى عليه؟ فعن أبي حنيفة رحمه الله فيه روايتان.

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : في صبي سبي ويسبى معه أبويه أو أحدها فمات، لا يصلى عليه إلا إذا كان أقر بالإسلام، وهو يعقل الإسلام، وإن لم يسب معه أحدهما فمات يصلى عليه.

يجب أن يعلم أن الولد الصغير يعتبر تبعاً للأبوين أو لأحدهما في الدين، فإن انعدما يعتبر تبعاً لصاحب اليد، فإن عدمت اليد يعتبر تبعاً للدار؛ لأنه يقدر اعتباره أصلاً في الدين، فلا بد من اعتباره تبعاً نظيراً له، غير أن علة التبعية في الأبوين أقوى فتعتبر أولاً تبعاً لهما أو لأحدهما، وعند انعدامهما عليه التبعية في حق صاحب اليد أقوى.

إذا ثبت هذا فنقول: إذا كان مع الصبي أبواه أو أحدهما يعتبر تابعاً لهما لا للدار، فيجعل كافراً تبعاً لهما، والأصل في ذلك قوله عليه السلام: «كل ولد يولد على الفطرة إلا أن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه حتى يعرب عنه لسانه إما شاكراً وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>