للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكسا الكعبة الشريفة من داخلها، ولم يكسها ملك قبله بعد الخلفاء العباسيين ببغداد، واستمر يكسوها عدة سنين مع ملوك مصر، وإنما تجعل كسوته على الكعبة بعد سفر الحاج المصرى من مكة؛ مراعاة لصاحب مصر، وانفرد بكسوتها بعض السنين. وأقام مع ذلك بمصالح الحرم وأهله، ثم أقام فى مكة عشرة أيام يفرّق الصدقات حتى ملأت صدقاته كل منزل بمكة، وعمّت جميع الحاج على اختلاف أنواعهم، وجهز حاج مصر بالأنعام والمراكب والأزواد.

وكسا رؤساء الحرم الشريف، ونثر على البيت الذهب والفضة. ولما عزم على الرحيل تقدمت أثقاله إلى البئر المعروفة بالبيضاء، ثم ودّع البيت باكيا مستعيرا عائدا على بلاده. وفى غالب مدة سلطنته كان يخطب له على منبر مكة، وخطب له فيها، ومن بعده لجماعة من ولده ملوك اليمن، بعد الخطبة لصاحب مصر، وعمل للكعبة بابا، وأقام بها حتى أبدل فى آخر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة (١) بالباب الذى بعث به الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وأخذ بنو شيبة حليته، وكانت ستين رطلا فضة، والقفل الذى على باب الكعبة الآن منسوب إليه (٢).

وفيها قرر المستنصر بالله أبو القاسم أحمد بن الظاهر محمد بن


(١) فى الأصول «وستمائة» سهو.
(٢) شفاء الغرام ٢٣٩:٢، ٢٤٠، والعقد الثمين ٤٨٩:٧، والعقود اللؤلؤية ١٣٣:١ - ١٣٥، وغاية الأمانى ٤٥٠:١.