للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنازل إقامة وكلف المئونة وإبلا وخيلا يركبون عليها، فإذا وصل المنزلة الأخرى تركوا ذلك وركبوا الموجود لهم فى المنزلة التى وصلوا إليها، وكان سفرهم على حكم البريد، كلما وصل إلى بريد ركب الخيل التى فيه، ونزل عن التى ركبها إلى ذلك المكان، وتبقى الخيل والجمال مبرّكة (١) تنعلف كل شئ فى منزله ومكانه إلى أن يأتوا إلى ذلك المكان بعد الفراغ من الحج ورجوعهم إليه من مكة والمدينة. والسلطان طول طريقه يستفتى قاضى القضاة صدر الدين ويتبعه فى أمر دينه، فسار إلى مكة فى سبع عشرة مرحلة، فلما وصلوا إلى مكة ركب السلطان هو وجميع الأمراء كلهم الخيل البلق، وكان وصولهم إلى مكة فى ثامن ذى الحجة، وقد طلع الناس كلهم إلى عرفة، ولم يبق إلا أمير مكة وبعض غلمانه، فاستنكر ذلك وقال: ما يأتى فى هذا الوقت إلا من يريد أن يدرك الحج قبل أن يفوته، وفى هذا اليوم، ما جرت العادة أن يقدم فيه أحد إلى مكة إلا غريب ما له عادة بالحج. فسألهم: هل أنتم من العراق أو من العجم أو من الترك؟ فقال السلطان: قولوا له:

الذى قلت له لا يجيئنى إلا على البلق؛ فقد جئناه على البلق، ونحن محرمون كلنا، هذا صاحب مصر، ومعه الأمراء الذين فى مصر والشام. قال له: هذا الأمير فلان - وذكر له كل أمير باسمه - فإن شئت أن تقتل الكل فاقتلهم. وكان صاحب مكة قد كتب إلى الظاهر يهدّده، ويتكلم بما لا يخاطب به أحد من الملوك، ويقول


(١) فى الأصول «مسبوكة» ولعل الصواب ما أثبتناه.